وسمعت بقراءته مجلدات من طبقات ابن سعد. وكان يديم القراءة طول النهار من غير فتور.
قلت: كان عمره إذ ذاك أربعين سنة.
قال: وسمعت أبا شجاع عمر البسطامي يقول: لما دخلت بغداد قرأ علي ابن الخشاب غريب الحديث لأبي محمد القتبي قراءة ما سمعت قبلها مثلها في الصحة والسرعة. وحضر جماعة من الفضلاء، وكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسان فما قدروا.
قال ابن السمعاني: كتبت عنه جزءًا رواه عن الربعي، وسألته عن مولده فقال: أظن أنه في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
وقال ابن النجار: إنه أخذ الحساب والهندسة عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأخذ الفرائض عن أبي بكر المزرفي. وكان ثقة. ولم يكن في دينه بذاك.
قلت: روى عنه أيضاً: أبو اليمن الكندي، والحافظ عبد الغني، وعبد العزيز ابن الأخضر، وأبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد بن قدامة، ومحمد بن عماد الحراني، وأبو البقاء العكبري، وأبو الحسن علي بن نصر الجلي؛ وهو شيخهما في النحو وشيخ الفخر أبي عبد الله ابن تيمية الخطيب.
وقرأت بخط أبي محمد بن قدامة: كان ابن الخشاب إمام أهل عصره في علم العربية، وحضرت كثيرًا من مجالسه، لكن لم أتمكن من الإكثار عنه لكثرة الزحام عليه، وكان حسن الكلام في السنة وشرحها.
قلت: وكان ظريفًا مزاحًا على عادة الأدباء؛ قال ابن الأخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد فقال: عندك كتاب الجبال؟ فقال: يا أبله ما تراهم حولي؟
وقال ابن النجار: سمعت بعضهم يقول: سأل ابن الخشاب واحد من تلامذته: القفا يمد أو يقصر؟ فقال: يمد ثم يقصر.
قال: وبلغني أنه أتاه اثنان ليعرضا عليه شعرًا قالاه، فسمع من أحدهما، فقال للآخر: هو أردأ شعرًا منك. فقال: وكيف ولم تسمع شعري؟ قال: لأن