كما ظننت، ولقد خرج هؤلاء من الدنيا سالمين، مجتمع عليهم بالفضل، وابتلي أبوكم بالقتال والحرب، ف انت بنو أمية تلعنه كما تلعن الكفرة في الصلاة المكتوبة، فاحتججنا له وذكرنا فضله - رضي الله عنه -.
وكان محمد قد أخرج من السجن بالمدينة محمد بن خالد القسري، فرأى القسري أن الأمر ضعيف، فكتب إلى المنصور في أمره فبلغ محمدا فحبسه.
قال ابن عساكر: ذبح ابن خضير أحد أعوان محمد رياح بن عثمان في هذه السنة.
وأما ابن معاوية فلما مضى إلى مكة كان في سبعين راكباً وسبعة أفراس فقاتل السري أمير مكة فقتل سبعة من أصحاب السري، فانهزم السري ودخل ابن معاوية مكة فخطب ونعى إليهم المنصور، ودعا لمحمد، ثم بعد أيام أتاه كتاب محمد يأمره باللحاق به، فجمع جموعاً تقدم بها على محمد، فلما كان بقديد بلغه مصرع محمد فانهزم إلى البصرة فلحق بإبراهيم بن عبد الله حتى قتل إبراهيم.
وندب المنصور لقتال محمد ابن عمه عيسى بن موسى وقال في نفسه: لا أبالي أيهما قتل صاحبه، فجهز مع عيسى أربعة آلاف فارس، وفيهم محمد ابن السفاح، فلما وصل إلى فند كتب إلى أهل المدينة في خرق الحرير يتألفهم، فتفرق عن محمد خلق، وسار منهم طائفة لتلقي عيسى والتحيز إليه، فاستشار محمد عبد الحميد بن جعفر فقال: أنت أعلم بضعف جمعك وقلتهم، وبقوة خصمك وكثرة جنده، والرأي أن تلحق بمصر، فوالله لا يردك عنها راد فيقاتل الرجل بمثل رجاله وسلاحه، فصاح جبير بن عبد الله: أعوذ بالله أن تخرج من المدينة وقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيتني في درع حصينة فأولتها المدينة. ثم إن محمداً استشار: هل يخندق على نفسه، فاختلف عليه رأي أصحابه، فلما تيقن قرب عيسى بن موسى منه، حفر خندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحفر فيه بيده تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.