وكانت يثرب لم تمصر، وإنما كانت قرى مفرقة: بنو مالك بن النجار في قرية، وهي مثل المحلة، وهي دار بني فلان. كما في الحديث: خير دور الأنصار دار بني النجار.
وكان بنو عدي بن النجار لهم دار، وبنو مازن بن النجار كذلك، وبنو سالم كذلك، وبنو ساعدة كذلك، وبنو الحارث بن الخزرج كذلك، وبنو عمرو بن عوف كذلك، وبنو عبد الأشهل كذلك، وسائر بطون الأنصار كذلك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وفي كل دور الأنصار خير.
وأمر - عليه السلام - بأن تبنى المساجد في الدور. فالدار - كما قلنا - هي القرية. ودار بني عوف هي قباء. فوقع بناء مسجده - صلى الله عليه وسلم - في بني مالك بن النجار، وكانت قرية صغيرة.
وخرج البخاري من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه ولم - نزل في بني عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة. ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا.
وآخى في هذه المدة بين المهاجرين والأنصار. ثم فرضت الزكاة. وأسلم الحبر عبد الله بن سلام، وأناس من اليهود، وكفر سائر اليهود.
قصة إسلام ابن سلام.
قال عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله حقا. ولقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فسلهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت. فأرسل إليهم فأتوا، فقال لهم: يا معشر يهود، ويلكم اتقوا الله، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله فأسلموا. قالوا: ما نعلمه، فأعاد ذلك عليهم ثلاثا. ثم قال: فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: