كفاكم بعباس أبي الفضل والدا فما من أب إلا أبو الفضل فاضله كأن أمير المؤمنين محمدا أبا جعفر في كل أمر يحاوله إليك قصرنا النصف من صلواتنا مسيرة شهر بعد شهر نواصله فلا نحن نخشى أن يخيب مسيرنا إليك ولكن أهنأ البر عاجله
فتبسم، وقال: عجلوها له.
الزبير بن بكار، عن بعضهم: أن المهدي كان مستهترا بالخيزران، لا يكاد يفارقها في مجلس يلهو به.
عمر بن شبة قال: كانت للمهدي جارية يحبها حبا شديدا، وكانت شديدة الغيرة عليه، فتغتاظ، وتؤذيه، فقال فيها:
أرى ماء وبي عطش شديد ولكن لا سبيل إلى الورود أراح الله من بدني فؤادي وعجل بي إلى دار الخلود أما يكفيك أنك تملكيني وأن الناس كلهم عبيدي؟ وأنك لو قطعت يدي ورجلي لقلت من الرضا: أحسنت زيدي
والمهدي كغيره من عموم الخلائف والملوك، له ما لهم، وعليه ما عليهم، كان منهمكا في اللذات واللهو والصيد، ولكنه مسلم خائف من الله، قد تتبع الزنادقة وأباد خلقا منهم. فذكر محمد بن عطاء بن مقدم الواسطي، عن أبيه: أن المهدي قال لابنه الهادي يوما وقد قدم إليه زنديق فاستتابه فلم يتب فضرب عنقه: يا بني إن وليت فتجرد لهذه العصابة - يعني أصحاب ماني - فإنهم يدعون إلى ظاهر حسن؛ كاجتناب الفواحش، والزهد، والعمل للآخرة، ثم بعد ذلك يخرجون الناس إلى تحريم اللحوم، ومس الماء للتطهر، وترك قتل الهوام تحرجا وتأثما، ثم يخرجون من هذا إلى عبادة اثنين، أحدهما النور، والآخر الظلمة، ثم يبيحون نكاح الأخت والبنت، والغسل بالبول، فجرد فيهم السيف؛ فإني رأيت جدك العباس في المنام فقلدني سيفين، وأمرني بقتل أصحاب الاثنين.