للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفروا من الكفار والتجأوا إلى الإسلام واتبعوا سبيل نجاء فيقابلون بطول سجن دائما وتحسر ومجاعة وعناء أخبارهم مقطوعة فكأنهم موتى وهم في صورة الأحياء إن كان خيرا قد مضى أو كان شرا قد أمنت عواقب الأسواء وإذ قطعت الرأس من بشر فلا تحفل بما يبقى من الأعضاء في أبيات، فلما سمعها أطلق معظمهم، وبقي في الاعتقال نفرين ثلاثة، قيل: إن صاحب ماردين أشار بإبقائهم.

وكان عبد الرحمن مقاصده جميلة وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة الإسلام واجتماع الكلمة، وله عدة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولما قدم في الرُّسلية كانوا يسيرون به في الليل، وكان يعرف السِّحر والسيمياء وبهذا انفعل له الملك أحمد.

ورأيت في تاريخ أنه كان رومياً من فراشي السُّدّة، وأخذ من الدور، وقت الكائنة جوهراً نفيساً، وأُسِر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمّس وتخشع وطمر الجواهر وصار إلى الموصل، فاتصل بعز الدين أيبك أحد نواب القان، وكان مهووساً بالكيمياء، فربطه عبد الرحمن وسار معه إلى أبغا ودخل، فقال عبد الرحمن لأبغا: إني رأيت في النوم في مكان كذا وكذا جوهراً مدفوناً، فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا، فحفروا فوجدوا ذلك، فخضع له أبغا واحترمه، ثم ربطه بأمر الجن والشعبذة، ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئةٍ واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، فقال له: إن رميته في هذا البحر أنا أُخرجه لك، فرماه، فقال: اصبر إلى غد.

ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة وملأها ملحاً مع الخاتم الآخر وأتاه بالسمكة، وقال: هذه تأتي بالخاتم، ورماها في البحر فغرقت ساعتين، فتحلل الملح فشافت السمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر لذلك واعتقد في عبد الرحمن، فأخذ رصاصة أخفاها في بطن السمكة ورماها فغاصت، وخضع له الملك أحمد أيضاً وحسن إسلامه بسببه.

<<  <  ج: ص:  >  >>