وفيها كانت فتن عظيمة وبلاء، فمن ذلك أن مروان بن محمد متولي أذربيجان وأرمينية وتلك الممالك، لما بلغه موت يزيد الناقص، أنفق الأموال وجمع الأبطال وسار بالعساكر فدخل الشام، فجهز إبراهيم بن الوليد لحربه أخويه بشراً ومسروراً، فالتقوا، فانتصر مروان وأسرهما وسجنهما، ثم زحف حتى نزل بعذراء فالتقاه سليمان بن هشام بن عبد الملك، فكانت بينهما وقعة مشهودة، ثم انهزم سليمان وبلغ ذلك إبراهيم بن الوليد، فعسكر بظاهر دمشق وأنفق الأموال في العسكر فخذلوه وتفللوا عنه، ووثب الكبار بدمشق فقتلوا عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بن مروان، ويوسف بن عمر الذي كان نائب العراق في الحبس.
وقتل الحكم وعثمان ابنا الوليد بن يزيد، وكانا يلقبان بالجملين، وكانا شابين أمردين قتلوهما بالدبابيس، وثب عليهما غلمان يزيد بن خالد القسري لأن أمراء دمشق خافوا من أن يخرجهما مروان الحمار فيبايع أحدهما أو يجعله ولي عهد فلا يستبقي أحداً قام على أبيه.
ثم هرب الخليفة إبراهيم بن الوليد فساق يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية وبنو عمه، ومحمد بن عبد الملك بن مروان إلى عذراء إلى مروان الحمار وبايعوه بالخلافة، ودخل البلد فأمر بنبش يزيد بن الوليد رحمه الله وصلبه لأجل قيامه على الوليد الفاسق، ثم إن الخليفة إبراهيم ذل وجاء فوضع يده في يد مروان بن محمد وخلع نفسه من الأمر وسلمه إلى مروان وبايع طائعاً.
وجرت هوشات وفتن، ووثب رجل من بني تميم بالغوطة فقتل يزيد بن خالد بن عبد الله القسري وتم الأمر لمروان، ثم سار عن دمشق فخلعه أهلها وأهل حمص فنزل على حمص بجيشه وحاصرها وأخذها وقتل عدة أمراء وهدم ناحية من سورها، وخرج عليه من طبرية ثابت بن نعيم الجذامي، فجهز لحربه عسكراً، فانهزم ثابت بعد أن قتل جماعة من جنده، ثم أسر وأتي به مروان فقطع أربعته بدمشق، وكان سيد اليمانية في زمانه.
وأما أهل الكوفة فبايعوا عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر