ورجع ابن عطية إلى صنعاء، ثم خرج عليه حميري أيضاً فظفر به عسكر ابن عطية، ثم أسرع ابن عطية السير في تسعة عشر رجلاً من الأشراف لإقامة الموسم واستخلف على اليمن ابن أخيه، ثم سار فنزل وادي شبام فبات به فشد عليه طائفة من العرب فبيتوه وقتلوه وقتلوا سبعة عشر من أصحابه ونجا منهم رجل واحد.
وفيها كانت الزلزلة العظيمة بالشام، قال ابن جوصا: حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عمرو بن محمد بن شداد بن أوس الأنصاري قال: حدثنا أبي عن أبيه، فذكر حديثاً طويلاً، منه: لما كانت الرجفة التي بالشام سنة ثلاثين ومائة كان أكثرها ببيت المقدس فهلك كثير ممن كان فيها من الأنصار وغيرهم، ووقع منزل شداد بن أوس على من كان معه، وسلم محمد بن شداد وذهب متاعه تحت الردم، وكانت النعل زوجاً خلفها شداد بن أوس عند ولده فصارت إلى ابنه محمد، فلما رأت أخته ما نزل به وبأهله جاءت وأخذت فرد النعلين وقالت: يا أخي ليس لك نسل وقد رزقت ولداً وهذه مكرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يشركك فيها ولدي فأخذتها منه، وكان ذلك في وقت الرجفة فمكثت عندها حتى كبر أولادها، فلما قدم المهدي إلى بيت المقدس أتوه بها وعرفوه نسبها من شداد بن أوس فعرف ذلك وقبله وأجاز كل واحد منهما بألف دينار وقربه، ثم بعث إلى محمد فأتي به محمولا لزمانته فسأله عن خبر النعل فصدق مقالة الأخوين فقال ائتني بالأخرى، فبكى وناشده الله، فرق له وأقرها عنده.