قال الصاحب كمال الدين: وتمكن في الحصون، وانقادوا له ما لم ينقادوا لغيره، وتمكن. وأخبرني علي ابن الهواري أن الملك صلاح الدين سير إليه رسولًا، وفي رسالته تهديد، فقال للرسول: سأريك الرجال الذين ألقاه بهم. وأشار إلى جماعة من أصحابه بأن يُلقوا أنفسهم من أعلى الحصن، فألقوا نفوسهم فهلكوا.
قال: وبلغني أنه أحل لهم وطء أمهاتهم، وأخواتهم، وبناتهم، وأسقط عنهم صوم رمضان.
قال: وقرأت بخط أبي غالب بن الحُصين في تاريخه: وفيه يعني محرم سنة تسع وثمانين، هلك سنان صاحب دار الدعوة النزارية بالشام بحصن الكهف. وكان رجلًا عظيمًا، خفي الكيد، بعيد الهمة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الإغواء، وخديعة القلوب، وكتمان السر، واستخدام الطغام والغفلة في أغراضه الفاسدة. وأصله من قرية من قرى البصرة، وتُعرف بعقر السدف. خدم رؤساء الإسماعيلية بالألموت، وراض نفسه بعلوم الفلسفة. وقرأ كثيرا من كتب الجدل والمغالطة، ورسائل إخوان الصفا وما شاكلها من الفلسفة الإقناعية المشوقة غير المبرهنة.
بنى بالشام حصونًا لهذه الطائفة، بعضها مستجدة، وبعضها كانت قديمة، فاحتال في تحصيلها وتحصينها، وتوعير مسالكها.
وسالمته الأنام، وخافته الملوك من أجل هجوم أصحابه عليهم. ودام له الأمر بالشام نيفًا وثلاثين سنة. وسير إليه داعي دُعاتهم من ألموت جماعةً في عدة مرار ليقتلوه خوفًا من استبداده عليه بالرياسة، فكان سنان يقتلهم، وبعضهم يخدعه سنان، ويثنيه عما سُير لأجله.
قال كمال الدين: وقرأت بخط الحسين بن علي بن الفضل الرازي في تاريخه قال: حدثني الحاجب معين الدين مودود أنه حضر عند الإسماعيلية سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وأنه خلا بسنان، وسأله عن سبب كونه في هذا المكان، فقال: إنني نشأت بالبصرة، وكان والدي من مقدميها. فوقع هذا الحديث في قلبي، فجرى لي مع إخوتي أمرٌ أحوجني إلى الانصراف عنهم، فخرجت بغير زاد ولا ركوب، فتوصلت حتى بلغت الألموت، فدخلتها وبها