وقيل: إنه سئل: لم لا تقرأ من غير كتاب؟ يعني دائماً، قال: إني أخاف العُجب.
وسمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد ابن الحافظ، قال: سمعت علي بن فارس الزجاج العلثي الصالح قال: لما جاء الحافظ من بلاد العجم. قلت: يا حافظ ما حفظت بعد مائة ألف حديث؟ فقال: بلى، أو ما هذا معناه.
سمعتُ أبا محمد عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني يقول: سمعتُ التاج الكندي يقول: لم يكن بعد الدارقطني مثل الحافظ عبد الغني، يعني المقدسي.
وقال الفقيه أبو الثناء محمود بن همام الأنصاري: سمعت التاج الكندي يقول: لم ير الحافظ عبد الغني مثل نفسه.
وقال أبو نزار ربيعة بن الحسن: قد رأيت أبا موسى المديني، وهذا الحافظ عبد الغني أحفظ منه.
قال الضياء: وكل من رأينا من المحدثين ممن رأى الحافظ عبد الغني وجرى ذكر حفظه ومذاكراته، قال: ما رأينا مثله، أو ما يشبه هذا.
ثم ذكر الضياء فصلًا في حرصه على الحديث وطلبه وتحريضه للطلبة، وقال: حرضني على السفر إلى مصر، وسافر معنا ولده أبو سليمان وله نحو عشر سنين. وسير قبلنا ولديه محمدًا وعبد الله إلى أصبهان. ثم سفر إسماعيل بن ظفر، وزوده وأعطاه ما احتاج إليه، فسافر إلى بغداد، وأصبهان، وخراسان. وقبل ذلك حرض أبا الحجاج يوسف بن خليل على السفر.
وكان يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع دمشق وليلة الخميس بالجامع أيضاً. ويجتمع خلق. وكان يقرأ ويبكي، ويُبكي الناس بكاء كثيرًا، وكان بعد القراءة يدعو دعاءً كثيرًا.
وسمعتُ شيخنا أبا الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر: قد جاء الإمام الحافظ وهو يريد أن يقرأ الحديث، فأشتهي أن تحضروا مجلسه ثلاث مرّات، وبعدها أنتم تعرفونه، وتحصل لكم الرغبة. فجلس أول يوم، وكنتُ حاضرًا بجامع القرافة، فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظاً، وقرأ جزءاً، ففرح الناس بمجلسه فرحًا كثيراً. ثم سمعت ابن نجا شيخنا يقول: