للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لو قال وسيجه صونًا بآسِ عِذاره لكان أحسن.

٣٢٣ - يحيى بن عبد الجليل بن مجبر، أبو بكر الفهري، المرسي، ثم الإشبيلي، شاعر الأندلس في زمانه بلا مُدافعة.

أَخَذَ الأدب عَنْ شيوخ مُرْسِيَة، ومدح الملوك والأمراء، وشهد لَهُ بقوة عارضته، وسلامة طبْعه، قصائدُهُ البديعة التي سارت أمثالًا، وبعدتُ عَلَى قُربها منالًا.

أَخَذَ عَنْهُ أَبُو القاسم بْن حسان، وغيره.

تُوُفّي بمَرّاكُش ليلة عيد النَّحْر فِي الكهولة.

وقيل: تُوُفّي سنة سبْع الماضية (١).

وَلَهُ:

لا تغبط المُجْدِبَ فِي عِلمهِ … وإنْ رأيتَ الخِصْبَ فِي حالهِ

إن الَّذِي ضيَّع من نفسِهِ … فوقَ الَّذِي ثَمَّرَ من مالهِ

وَلَهُ أيضًا:

إن الشدائدَ قَدْ تَغْشى الكريمَ … لأنْ تبين فضلَ سجاياه وتوضحُه

كمِبْرَدِ القين إذْ يَعْلُو الحديدَ بِهِ … وليس يأكُلُهُ إلا ليُصْلحُه

ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار فِي " تكملة الصلة " (٢) وبالغ في وصفه.

ولأبي بكر بن مجبر ديوان أكثر ما فيه من المديح فِي السّلطان يعقوب صاحب المغرب. فَمنْ ذَلِكَ هَذِهِ القصيدة البديعة:

أتُراه يتركَ الغَزَلا … وعليه شبَّ واكْتَهَلا

كلفٌ بالغِيد ما عِلقَت … نفسْهُ السلوانَ مُذ عَقَلا

غير راضٍ عَنْ سجيةِ مَنْ … ذاقَ طعَمَ الحُبّ ثُمّ سلا

أيُّها اللوامُ ويحكُم … إن لي عَنْ لَوْمكُم شُغلا

نَظَرَتْ عيني لشِقْوَتِها … نظراتٍ وافقَتْ أَجَلا

غادةً لما مَثَلْتُ لها … تَرَكَتْني فِي الهوى مَثَلا

خَشِيَتْ أني سأُحرقُها … إذْ رأتْ رأسي قَدِ اشتعلا


(١) سيعيده في وفيات سنة ٥٩٢ (الترجمة ١١٢).
(٢) التكملة ٤/ ١٨٣ - ١٨٤ ومنه نقل المصنف ما تقدم من الترجمة.