وذكر أبو عبد الله الجزري وغيره، قصة نجم الدين أيوب، قال: بقي في غلمانه وطمع فيه أهل الغور والعشران، وكان مقدمهم شيخٌ جاهل يقال له: تبل البيساني، فما زالوا وراءه وهو يحمل فيهم، وأخذوا بعض ثقله، ثم نزل على سبسطية. وكان الوزيري قد عاد إلى نابلس، فأرسل إليه يقول: قد مضى وما زالت الملوك كذا، وقد جئت مستجيرا بابن عمي. ونزل في الدار التي للناصر بنابلس. ثم كتب الوزيري إلى الناصر يخبره الخبر. فبعث الناصر عماد الدين ابن موسك، والظهير ابن سنقر الحلبي في ثلاث مائة فارس، فركب الصالح نجم الدين فتلقاهم، فقالوا: طيب قلبك، إلى بيتك جئت. فقال: لا ينظر ابن عمي إلى ما فعلت وقد استجرت به. فقالوا: قد جارك وما عليك بأسٌ. وأقاموا أياما نازلين حوله، فلما كان في بعض الليالي صرخ بوق النفير، وقيل: جاءت الفرنج. فركب الناس والعساكر ومماليك الصالح وساقوا إلى سبسطية. ثم جاء ابن موسك وابن سنقر إليه، فدخل ابن سنقر إليه، وقال: تطلع إلى الكرك إلى ابن عمك، وأخذ سيفه.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: فبلغني أن جاريته كانت حاملا فأسقطت، وأخذوه إلى الكرك، فحدثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين قال: أخذوني على بغلةٍ بلا مهمازٍ ولا مقرعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيام، والله ما كلمت أحدا منهم كلمة، وأقمت بالكرك أشهرا، ورسموا على الباب ثمانين رجلا. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة.
ثم إن الوزيري أطلع خزانته وخيله وحواصله إلى الصلت، وبقيت حاشيته بنابلس، ووصل علاء الدين ابن النابلسي من مصر من عند الملك العادل إلى الناصر يطلب الصالح، ويعطيه مائة ألف دينار، فما أجاب. فلما طال مقامه، استشار عماد الدين ابن موسك وابن قليج، ثم أخرجه، وتحالفا واتفقا في عيد الفطر. فحدثني الصالح، قال: