في رمضان سنة اثنين. ثم قاتل يوم أحد في شوال سنة ثلاث. ثم قاتل يوم الخندق، وهو يوم الأحزاب وبني قريظة، في شوال سنة أربع، وكذا قال عروة في حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه. كذا قالا: سنة أربع، وقالا في قصة الخندق إنها كانت بعد أحد بسنتين.
وقال قتادة من رواية شيبان عنه: كان يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين، فهذا هو المقطوع به. وقول موسى وعروة: إنها في سنة أربع وهم بين، ويشبهه قول عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني. فلما كان يوم الخندق عرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني فيحمل قوله على أنه كان قد شرع في أربع عشرة، وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة، وزاد عليها فلم يعد تلك الزيادة. والعرب تفعل هذا في عددها وتواريخها وأعمارها كثيرا، فتارة يعتدون بالكسر ويعدونه سنة، وتارة يسقطونه. وذهب بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث وعضدوه بقول موسى بن عقبة وعروة أن الأحزاب في شوال سنة أربع، وذلك مخالف لقول الجماعة، ولما اعترف به موسى وعروة من أن بين أحد والخندق سنتين، والله أعلم.
وقال أبو إسحاق الفزاري، عن حميد، عن أنس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة باردة إلى الخندق، والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق بأيديهم، ولم يكن لهم عبيد: فلما رأى ما بهم من الجوع والنصب قال:
اللهم إن العيش عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره.
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.
أخرجه البخاري. ولمسلم نحوه من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت.