فبكى كثيرًا، فلما سكن ما به قال: يا أخي لا تلم أهل الري على أن يسموني زنديقًا، أنا من الغداة أقرأ في هذا المصحف، ما خرجت من عيني دمعة. وقد وقع مني فيما غنيت ما رأيت.
قال السلمي: كان مع علمه وتمام حاله هجره أهل الري، وتكلموا فيه بالقبائح، خصوصًا الزهاد، إلى أن أفشوا حديثه وقبائحه، حتى بلغني أن بعض مشايخ الري رأى في النوم كأن براءة نزلت من السماء فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين مما قيل فيه. فسكتوا عنه بعد ذلك.
قال الخطيب: سمع منه: أبو بكر النجاد.
قلت: وهو صاحب حكاية الفأرة لما سأل ذا النون عن الاسم الأعظم.
وقد راسله الجنيد وأجابه هو، وطال عمره وشاع ذكره.
وعن أبي الحسين الدراج قال: لما ورد على الجنيد رسالة يوسف اشتقت إليه، فخرجت إلى الري، فلما دخلتها سألت عنه فقالوا: أيش تعمل بذاك الزنديق؟ فلم أحضره.
فلما أردت السفر قلت: لا بد لي منه. فلما وقفت على بابه تغير علي حالي، فلما دخلت إذا هو يقرأ في مصحف فقال: لأيش جئت؟ قلت: زائرًا.
فقال: أرأيت لو ظهر لك هنا من يشتري لك دارًا وجارية ويقوم بكفايتك، أكنت تنقطع بذلك عني؟ قلت: يا سيدي، ما ابتلاني الله بذلك.
فقال: اقعد، فأنت عاقل؛ تحسن تقول شيئًا؟ قلت: نعم.
قال: هات.
فأنشد البيتين المتقدمين، إلى آخر الحكاية.
وقال أبو بكر الرازي: قال يوسف بن الحسين: بالأدب تفهم العلم، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة تفهم الزهد، وبالزهد تترك الدنيا، وبترك الدنيا ترغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة تنال رضى الله تعالى.
قال السلمي: حدثنا ابن عطاء أن يوسف بن الحسين الرازي مات سنة أربع وثلاثمائة.