وقال عبد الغافر في سياق تاريخ نيسابور: إسماعيل الصابوني الأستاذ، شيخ الإسلام، أبو عثمان الخطيب المفسر الواعظ، المحدث، أوحد وقته في طريقه، وعظ المسلمين سبعين سنة، وخطب وصلى في الجامع نحوا من عشرين سنة، وكان حافظا كثير السماع والتصنيف، حريصا على العلم. سمع بنيسابور، وهراة، وسرخس، والشام، والحجاز، والجبال، وحدث بخراسان، والهند، وجرجان، والشام، والثغور، والقدس، والحجاز، ورُزِق العز والجاه في الدين والدنيا، وكان جمالا للبلد، مقبولا عند الموافق والمخالف، مجمع على أنه عديم النظير، وسيف السنة، ودامغ أهل البدعة، وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور، ففتك به لأجل المذهب، وقتل وهذا الإمام صبي ابن تسع سنين، فأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئمة الوقت مجالسه، وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في ترتيبه وتهيئة شأنه، وكان يحضر مجالسه، هو والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والأستاذ أبو بكر بن فورك، ويتعجبون من كمال ذكائه وحسن إيراده، حتى صار إلى ما صار إليه، وكان مشتغلا بكثرة العبادات والطاعات، حتى كان يضرب به المثل.
وقال الحسين بن محمد الكتبي في تاريخه: توفي أبو عثمان في المحرم، وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وأول مجلس عقده للوعظ بعد قتل والده في سنة اثنتين وثمانين.
وفي معجم السفر للسلفي: سمعتُ الحسن بن أبي الحر بن سعادة بثغر سلماس يقول: قدم أبو عثمان الصابوني بعد حجه، ومعه أخوه أبو يعلى في أتباع ودواب، فنزل على جدي أحمد بن يوسف بن عمر الهلالي، فقام بجميع مؤنه، وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن الناس به، وكان أخوه فيه دعابة، وسمعتُ أبا عثمان وقت أن ودع الناس يقول: يا أهل سلماس، لي عندكم أشهر أعظ وأنا في تفسير آية وما يتعلق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تعرضت لغيرها والحمد لله.