للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان رئيسا وقورا مهيبا، مليح الصورة، على مجلسه جلالة؛ وكان الوزراء فمن دونهم يمشون إلى مجلسه، وإذا ركب يركبون في خدمته، وكان يشغل النهار كله وبعض الليل.

قال الأبار (١): أخذ عنه جلة من شيوخنا، وكان أبو محمد القرطبي ينكر سماعه من النميري. وولي خطابة إشبيلية مدة، ثم ولي قضاء جيان، ثم سكن مدينة فاس، وعلم العربية، وحدث بها، وبعد صيته. وكان وقور المجلس حسن السمت والهدي، قد منع تلاميذه من التبسط في السؤالات، وقصرهم على ما يلقي إليهم. توفي بفاس في شوال، وله سبعون سنة.

وقال غيره: عزل عن قضاء جيان وأهين، ونسبوه إلى أنه ارتشى، وأنه ارتكب من التيه والكبر ما لا يليق، وذهب إلى فاس.

ومن شعره:

أنْكَرَ صَحْبِي أَنْ رَأَوْا طَرْفَه … ذَا حُمْرَةٍ يَشْقَى بِهَا المُغْرَمُ

لا تُنْكِرُوا المُحْمَرَّ مِنْ طَرْفِهِ … فَالسَّيْفُ لا يُنْكَرُ فِيهِ الدَّمُ

وقد مر أبوه في سنة أربع وأربعين (٢).

٢١٧ - موسى بن الحسين بن موسى بن عمران القيسي، أبو عمران الميرتلي (٣)، الزاهد نزيل إشبيلية.

صحب أبا عبد الله ابن المجاهد الزاهد، واختص به ولازمه.

قال الأبار: (٤) كان منقطع القرين في الزهد والعبادة والورع والعزلة، مشارا إليه بإجابة الدعوة، لا يعدل به أحد، وله في ذلك آثار معروفة، مع الحظ الوافر من الأدب والتقدم في قرض الشعر، وذلك في الزهد والتخويف وقد دون. وكان ملازما لمسجده بإشبيلية يقرئ ويعلم، ولم يتزوج قط. حدثنا عنه أبو سليمان بن حوط الله، وبسام بن أحمد، وأبو زيد عبد الرحمن بن محمد، ومن شعره:


(١) التكملة ٢/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٢) في الطبقة الخامسة والخمسين (الترجمة ٢٤٦).
(٣) منسوب إلى "ميرتلة" بالكسر، ثم جمع بين ساكنين، وتاء مثناة مضمومة، ولام، حصن من أعمال باجة كما في معجم البلدان لياقوت ومراصد الاطلاع لابن عبد الحق.
(٤) التكملة ٢/ ١٧٩ - ١٨١.