للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلًا، ولا نسبهم صحيحا، بل المعروف أنهم بنو عبيد. وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي.

قال: وقيل: كان والد عبيد هذا يهوديًا من أهل سلمية، وكان حدادًا. وعبيد كان اسمه سعيدا، فلما دخل المغرب تسمى بعبيد الله، وادعى نسبًا ليس بصحيح. وذكر ذلك جماعة من علماء الأنساب، ثم ترقت به الحال إلى أن ملك المغرب، وبنى المهدية، وتلقب بالمهدي. وكان زنديقًا خبيثًا، عدوًا للإسلام. قتل من الفقهاء، والمحدثين، والصالحين جماعة كبيرة، ونشأت ذريته على ذلك. وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها، وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة.

وقد بين نسبهم جماعة مثل القاضي أبي بكر الباقلاني، فإنه كشف في أول كتابه المسمى كشف أسرار الباطنية عن بطلان نسب هؤلاء إلى علي رضي الله عنه، وكذلك القاضي عبد الجبار بن أحمد استقصى الكلام في أصولها، وبينها في آخر كتاب تثبيت النبوة، وبين بعض ما فعلوه من الكفريات والمنكرات.

قرأت في تاريخ صنف على السنين في مجلد صنفه بعض الفضلاء سنة بضع وثلاثين وستمائة، وقدمه لصاحب مصر الملك الصالح قال: في سنة سبع وستين: وفاة العاضد في يوم عاشوراء بعد إقامة الخطبة بمصر بيويمات قلائل في أول جمعة من المحرم لأمير المؤمنين المستضيء بأمر الله، وهو آخر خلفاء مصر. فلما كانت الجمعة الثانية خطب بالقاهرة أيضًا للمستضيء، ورجعت الدعوة العباسية بعد أن كانت قد قطعت بها أكثر من مائتي سنة. وتسلم الملك الناصر صلاح الدين قصر الخلافة، واستولى على ما كان به من الأموال والذخائر، وكانت عظيمة الوصف. وقبض على أولاد العاضد وأهل بيته، وحبسهم في مكان واحد بالقصر، وأجرى عليهم ما يمولهم، وعفى آثارهم، وقمع مواليهم وسائر أنسبائهم.

قال: وكانت هذه الفعلة من أشرف أفعاله، فلنعم ما فعل، فإن هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا إلى مذهب التناسخ، واعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشباحهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>