للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الدور البديعة التي أنشأها المقتدي، وتممها المسترشد، فجلس في قبته، وعليه ثوب مصمت وعمامة رصافية، وعلى كتفه البردة، وبين يديه القضيب.

ورتب وزيره ابن صدقة الأمور، وأتى وزير السلطان أبو طالب السميرمي والمستوفي وخواص دولتهم. ثم وقف ابن صدقة عن يسار السدة، وأبو طالب السميرمي عن يمينها، وأقبل السلطان محمود يده في يد أخيه مسعود.

فلما قرب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخليفة. فلما قاربوا كشفت الستارة لهما، ووقف السلطان في الموضع الذي كان وزيره واقفًا فيه، وأخوه إلى جانبه، فخدما ثلاث مرات ووقفا، والوزير ابن صدقة يذكر له عن الخليفة أنسه به وبقربه وحسن اعتقاده فيه.

ثم أمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه، فحمل إلى مجلس لذلك. ثم وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرًا أميرًا، فيخدم وتعرف خدمته، فيقبل الأرض وينصرف.

ثم عاد السلطان وأخوه، فمثلا بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخلع السبع والطوق، والسواران، والتاج، فخدما. وأمر الخليفة بكرسي، فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. وأمره بالإحسان إلى الرعية.

ثم أذن للوزير أبي طالب في تفسير ذلك عليه، ففسره، وأعاد عنه أنه قال: وفقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسعادات، وسلم الخليفة إلى الوزيرين سيفين وأمرهما أن يقلدا بهما السلطان. فلما فعلا قال له: اقمع بهما الكفار والملحدين! وعقد له بيده لواءين حملا معه، وخرج، فقدم له في صحن الدار فرس من مراكب الخليفة، بمركب جديد صيني، وقيد بين يديه أربعة أفراس بمراكب الذهب.

وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثم وقع ثلج عظيم، وكبر حتى كان علو ذراع.

قال ابن الجوزي: وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني المنتظم أن الثلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرشيد، وفي أيام المقتدر، وفي أيام المطيع، والطائع، والقادر، والقائم. وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة، فإنه بقي

<<  <  ج: ص:  >  >>