وفيها خرج المكتفي من بغداد يريد سامراء ليسكن بها، فصرفه الوزير عن ذلك وقال: نحتاج إلى غرامات كثيرة. فعاد إلى بغداد.
وفيها قتل الكلب يحيى بن زكرويه على حصار دمشق فأقاموا مقامه أخاه الحسين.
وفيها عسكر المكتفي وسار إلى الموصل في رمضان لحرب القرامطة، وتقدم أمامه إلى أرض حلب أبو الأغر، فنزل بوادي بطنان فكبسهم على غرة صاحب الشامة القرمطي، فقتل منهم خلقاً، وهرب أبو الأغر في ألف رجل إلى حلب. وقتل تسعة آلاف. وتبعهم صاحب الشامة، فحاربه أبو الأغر على باب حلب، ثم تحاجزوا؛ ووصل المكتفي إلى الرقة، وسرح الجيوش إلى القرمطي.
وفي رمضان وصل القرمطي أيضاً إلى دمشق، فخرج لقتاله بدر الحمامي صاحب ابن طولون فهزم القرمطي، ووضع في أصحابه السيف وهرب الباقون في البادية. وبعث المكتفي في إثر صاحب الشامة الحسين بن حمدان والقواد.
وقيل: إنما كانت الوقعة بين بدر والقرمطي بأرض مصر، وأن القرمطي انهزم إلى الشام في نفر يسير. فسار على الرحبة وهيت، فنهب وسبى، ومضى إلى الأهواز.
وفيها قتل أبو القاسم يحيى بن زكرويه بن مهرويه القرمطي المعروف بالشيخ، وبالمبرقع. وكان يسمي نفسه كذباً وبهتاناً: علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الحسيني وكان من دعاة القرامطة.
قيل: إن بدرا الحمامي لقيه بحوران في هذه السنة، فاقتتلوا قتالاً عظيماً، فقتل، وقام أخوه موضعه.
وكان سبب قتله أن بربرياً رماه بمزراق، واتبعه نفاط فأحرقه بالنار في وسط القتال، فنصب أصحابه أخاه الحسين بن زكرويه، ويسمى بصاحب الشامة، وزعم بكذبه أنه: أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن الصادق جعفر، وأظهر شامة في وجهه زعم أنها آيته. وجاءه ابن عمه عيسى بن مهرويه وزعم أنه عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر، ولقبه المدثر، وعهد إليه. وزعم أنه المعني في السورة. ولقب غلاماً له المطوق بالنور، وظهر على دمشق وحمص والشام، وعاث وأفسد، حتى قتل الأطفال وسبى الحريم، وتسمى أمير المؤمنين المهدي، ودعي له على المنابر.