وكان قانعاً، متعففا، صبوراً على الفقر. يلبس قبع دلك، وفروة حمراء، وثوب خام. وكان أماراً بالمعروف نهاءً عن المنكر، داعية إلى السنة مجانباً للبدعة، يبالغ في الرد على نفاة الصفات الخبرية. وينال منهم سباً وتبديعاً، وهم يرمونه بالتجسيم. وكان بريئاً من ذلك رحمه الله، لكنه ناقص الفضيلة قاصر عن إفحام الخصوم. وقد دخل مرة على السلطان الملك الناصر فأنكر عليه بعض هناته، فلكمه السلطان، وأخرج.
وله تعاليق وتواليف، روى عنه ابن أخيه شهاب الدّين أحمد، وغيره، وتوفي في الحادي والعشرين من رجب. وقد نيّف على الستين، ودفن بسفح المقطم، وممن روى عنه الدّمياطيّ في معجمه.
ولما أهانه الملك الناصر ندم، وبعث إليه يستعطفه فقال: ودي أنني أدخل إليه، وأخاطبه بما خاطبته، ويعود يضربني، وقد ضربه مرةً نائب السلطنة لؤلؤ بحلب لأنه قرأ مناقب الصحابة، وقصد إسماعه ذلك يوم الجمعة. وكان يتشيع، ولهذا ضربه، وأنكر على البادرائي القيام عند الدعاء للخليفة بدار السعادة.
وكان كثير الصوم، فإذا أفطر أفطر على أربع عشرة لقمة أو نحوها. ويأثر أن عمر رضي الله عنه كان يقتصر على ذلك، وكان ينكر على الأمراء والكبار، ويغلظ لهم في المحافل. ولا يقبل من أحدٍ شيئاً، ويتقنع باليسير، رحمه الله تعالى.
١٨٣ - ملكشاه، القاضي شمس الدّين الحنفيّ، قاضي بيسان.
ولي نيابة الحكم مدةً بدمشق، ودرس بالمعينية.
وكان من كبار الحنفيّة، توفي في صفر.
١٨٤ - موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم، القاضي الإمام، صدر الدّين، أبو منصور الجزري، الشّافعيّ.
ولد سنة تسعين بالجزيرة. وتفقه، وبرع في المذهب والأصول والنحو.