الدين ابن عساكر شيخ الشافعية، ثم القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، ثم محيي الدين ابن الزكي، وتحت المدرس السيف الآمدي، ثم القاضي شمس الدين ابن سني الدولة، ثم نجم الدين خليل قاضي العسكر. ودارت حلقة صغيرة، والخلق ملء الإيوان، وكان قبالة المعظم في الحلقة شيخنا تقي الدين ابن الصلاح.
وفيها ملك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل قلعة شوش على مرحلتين من الموصل، وكان صاحبها عماد الدين زنكي قد سار إلى أزبك بن البهلوان سلطان أذربيجان، وخدم معه، وأقطعه خبزاً، وأقام عنده.
وفيها استولت التتار على بلاد القفجاق.
وفيها، أو في حدودها، بلغ جلال الدين ابن خوارزم شاه أن شمس الدين أيتمش قاصده في ثلاثين ألف فارس ومائة ألف راجل، فتجلد جلال الدين على ملتقاه، وسار، وقدم قدامه جهان بهلوان أزبك، فخالفه يزك أيتمش فهجم على جماعة منهم، وحضر إلى جلال الدين من أعلمه، ثم وصل بعد ذلك رسول أيتمش يطلب الصلح ويقول: ليس يخفى عليك ما وراءنا من عدو الدين وأنت سلطان المُسلمين وابن سلطانهم، وإن رأيت أن أزوجك ابنتي. فمال السلطان جلال الدين إلى ذلك ولم يضر من ذلك حاله.
ثم جاءته الأخبار أن أيتمش وقباجة وسائر ملوك الهند قد اتفقوا على جلال الدين، وأن يمسكوا عليه حافة البحر، فعظم ذلك عليه، واستناب جهان على ما ملكه من الهند، وسار إلى العراق وقاسى الشدائد والمشاق في تلك البراري التي بين الهند وكرمان، فوصل في أربعة آلاف منهم من هو راكب البقر والحمير وذلك في سنة إحدى وعشرين وستمائة. ثم قدم شيراز فأتاه الأتابك علاء الدولة مذعناً بالطاعة، لأنه كان قد استوحش من أخيه غياث الدين، فرغب جلال الدين فيه، وخطب بنته، فزوجه بها، واستظهر جلال الدين بمصاهرته. ثم رحل إلى أصبهان ففرحوا بقدومه وأخرجوا له الخيل والسلاح، فلما بلغ غياث الدين توسطه في البلاد ركب إليه في ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدين عند ذلك آيساً مما كان يؤمله، وسير إلى غياث الدين رسولاً يقول: حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت، قصدتك لأستريح عندك أياماً، وحيث علمت أن ما عندك للضيف غير السيف رجعت. فلما بلغت غياث الدين الرسالة، عاد عما كان عزم عليه من قتال أخيه جلال الدين، وتفرقت عساكره.