قال ابن سعد: ابتنى أبو جهم بالمدينة دارا وكان عمر رضي الله عنه قد أخافه وأشرف عليه حتى كف من غرب لسانه، فلما توفي عمر سر بموته، وجعل يومئذ يحتبش في بيته، يعني يقفز على رجليه.
وقالت فاطمة بنت قيس: طلقني زوجي البتة، فأرسلت إليه أبتغي النفقة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس لك نفقة، وعليك العدة، انتقلي إلى أم شريك، ولا تفوتيني بنفسك ثم قال: أم شريك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين، انتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم. فلما حللت خطبني معاوية وأبو جهم بن حذيفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فعائل لا شيء له، وأما أبو جهم فإنه ضراب للنساء، أين أنتم عن أسامة، فكأن أهلها كرهوا ذلك، فنكحته.
وقد شهد أبو جهم اليرموك، ووفد على معاوية مرات، ولم يرو شيئا مع أنه تأخر.
وحكى سليمان بن أبي شيخ أن أبا جهم بن حذيفة وفد على معاوية، فأقعده معه على السرير، وقال: يا أمير المؤمنين نحن فيك كما قال عبد المسيح: نميل على جوانبه كأنا نميل إذا نميل على أبينا نقلبه لنخبر حالتيه فنخبر منهما كرما ولينا فأعطاه معاوية مائة ألف.
وروى الأصمعي، عن عيسى بن عمر قال: وفد أبو جهم على معاوية، فأكرمه وأعطاه مائة ألف، واعتذر فلم يرض بها، فلما ولي يزيد وفد عليه، فأعطاه خمسين ألفا، فقلت: غلام نشأ في غير بلده، ومع هذا فابن كلبية، فأي خير يرجى منه، فلما استخلف ابن الزبير أتيته وافدا، فقال: إن علينا مؤنا وحمالات، ولم أجهل حقك، فإني غير مخيب سفرك، هذه ألف درهم فاستعن بها، فقلت: مد الله في عمرك يا أمير المؤمنين،