علانية. وأكثر معايبه - زعموا عند المنصِف له - جهله بسياسة العلم التي هي أعوص إيعابه، وتخلّفه عن ذلك على قوة سبحه في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه، إلى أن يُحرّك بالسؤال، فيتفجر منه بحر علم لا تكدّره الدلاء، وكان مما يزيد في شنآنه تشيّعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى نسب إلى النصب لغيرهم.
إلى أن قال: ومن تواليفه كتاب الصادع في الردّ على من قال بالتقليد، وكتاب شرح أحاديث الموطأ، وكتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد، وكتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية، وكتاب منتقى الإجماع، وكتاب كشف الالتباس لما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس.
قلت: ذكر في الفرائض من المحلى أنه صنّف كتابا في أجزاء ضخمة في ما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء، وما انفرد به كل واحد منهم، ولم يسبق إلى ما قاله.
ومن أشعاره:
هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا فجائعه تبقى ولذاته تفنى إذا أمكنت فيه مسرّة ساعة تولّت كمر الطرف واستخلفت حُزنا إلى تبِعاتٍ في المَعاد وموقفٍ نودّ لديه أننا لم نكن كنا حصلنا على هم وإثم وحسرة وفات الذي كنا نلذ به عنا حنين لما ولى وشُغلٌ بما أتى وهمٌّ لما نخشى فعيشك لا يًهنا كأن الذي كنا نسُرّ بكونه إذا حققته النفس لفظٌ بلا معنى وله يفتخر:
أنا الشمس في جو العلوم منيرةٌ ولكنّ عيبي أن مطلعي الغرْبُ