ثعبان، وغير ذلك، كل ذلك ذهب مرصع بالجوهر. وبقوا في بنائها ست عشرة سنة. وكان ينفق عليها ثلث دخل الأندلس. وكان دخل الأندلس يومئذٍ خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانون ألف درهم. وعمل في الزهراء قصر المملكة. غرم عليه من الأموال ما لا يعلمه إلا الله.
وبين الزهراء وبين قرطبة أربعة أميال، وطولها ألف وستمائة ذراع، وعرضها ألف وسبعون ذراعاً. ولم يبن في الإسلام أحسن منها، لكنها صغيرة بالنسبة إلى المدائن كما ترى؛ لا بل هي متوسطة المقدار. وكانت من عجائب الدنيا. وسورها ثلاثمائة برج، وكل شرافة حجر واحد. وعمل ثلثها قصور الخلافة، وثلثها للخدم، وكانوا اثني عشر ألف مملوك، وثلثها الثالث بساتين. وقيل: إنه عمل فيها بحيرة ملأها بالزئبق. وقيل: كان يعمل فيها ألف صانع، مع كل صانع اثنا عشر أجيراً. وقد أحرقت وهدمت في حدود سنة أربعمائة، وبقيت رسومها وسورها. فسبحان الباقي بلا زوال.
[سنة ست وعشرين وثلاثمائة]
فيها: سار أبو عبد الله البريدي لمحاربة بجكم. وأقبل في مددٍ من ابن بويه، فخرج بجكم لحربه، وعاد منهزماً بعد ثلاث، لأن الأمطار عطلت نشاب أصحابه وقسيهم، فقبض على وجوه أهل الأهواز، وحملهم معه، وسار إلى واسط.
وأقام البريدي وأحمد بن بويه بالأهواز أياماً. ثمّ هرب البريدي في الماء، ثم أخذ يراوغ أحمد بن بويه، وجرت له فصول. وقوي ابن بويه. وبجكم مقيم بواسط ينازع إلى الملك ببغداد. وقد جمع ابن رائق أطرافه وأقام ببغداد، والبريدي هارب في أسفل الأهواز.
ولما رأى الوزير أبو الفتح الفضل اختلال الحضرة، واستيلاء المخالفين على البلاد، أطمع ابن رائق في أن يحمل إليه الأموال من الشام ومصر. وأن ذلك لا يتم مع بعده. وصاهره فزوج ابنه بابنة محمد بن رائق، وزوج مزاحم بن محمد بن رائق ببنت محمد بن طغج.