قال: قد والله كتب إلي أكثر من ثلاثين من أشراف العراق، وكلهم يقول: إن خببت بمصعب فلي أصبهان.
قال ابن سعد: فكتب إلى كل منهم: أن نعم، فلما التقوا قال مصعب لربيعة: تقدموا للقتال. فقالوا: هذه مخروءة بين أيدينا فقال: ما تأتون أنتن من المخروءة، يعني: تخلفكم عن القتال.
وقد كانت ربيعة قبل مجمعة على خذلانه، فأظهرت ذلك، فخذله الناس. ولم يتقدم أحد يقاتل دونه، فلما رأى ذلك قال: المرء ميت، فلأن يموت كريما أحسن به من أن يضرع إلى من قد وتره، لا أستعين بربيعة أبدا ولا بأحد من أهل العراق، ما وجدنا لهم وفاء، انطلق يا بني إلى عمك فأخبره بما صنع أهل العراق، ودعني. فإني مقتول، فقال: والله لا أخبر نساء قريش بصرعتك أبدا، قال: فإن أردت أن تقاتل فتقدم حتى أحتسبك، فقاتل حتى قتل، وتقدم إبراهيم بن الأشتر فقاتل قتالا شديدا حتى أخذته الرماح فقتل، ومصعب جالس على سرير، فأقبل إليه نفر ليقتلوه، فقاتل أشد القتال حتى قتل، واحتز ابن ظبيان رأسه. وبايع أهل العراق لعبد الملك ودخلها، واستخلف على الكوفة أخاه بشر بن مروان.
قيل: إن ابن الزبير لما بلغه مقتل أخيه مصعب قام فقال: الحمد لله الذي خلق الخلق، ثم ذكر مصرع أخيه وقال: ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه، والله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص، فما قتل منهم رجل في زحف ولا نموت إلا قعصا بالرماح، وتحت ظلال السيوف.
وفيها خرج أبو فديك فغلب على البحرين. وقيل هو الذي قتل نجدة الحروري، فسار إليه جيش من البصرة، عليهم أمية بن عبد الله بن خالد الأموي أخو أميرها خالد، فهزمه أبو فديك، فكتب عبد الملك بن مروان إلى خالد يعنفه لكونه استعمل أمية على حرب الخوارج، ولم يستعمل المهلب،