قال أبو المظفّر الجوزيّ: ومما جرى في ولايته، أنّ رجلاً خنق صبيّاً لحلقٍ في أذنيه، وأخرجه في قفّةٍ فدفنه، وكان جارهم، فاتّهمته أمّ الصبيّ به، فعذّبه المبارز، فلم يقرّ، فأطلقه وفي قلبها النار فطلّقت زوجها، وتزوّجت بالقاتل، وأقامت معه مدّة، فقالت يوماً وهي تداعبه - وقد بلغها موت زوجها -: راح الابن وأبوه، وكان منهما ما كان، أأنت قتلت الصبيّ؟ قال: نعم، قالت: فأرني قبره، فخرج بها إلى مقابر باب الصّغير، وحفر القبر، فرأت ولدها، فلم تملك نفسها أن ضربت الرجل بسكّين معها شقّت بطنه، ودفعته فوقع في الحفرة. وجاءت إلى المبارز، فحدّثته، فقام وخرج معها إلى القبر، وقال لها: أحسنت والله ينبغي لنا كلّنا أن نشرب لك فتوّة.
قال أبو المظفّر: وحكى لي المبارز قال: لمّا أبطل العادل الخمر، ركبت يوماً وإذا عند باب الفرج رجلٌ في رقبته طبلٌ، فقلت: شقّوا الطّبل فشقّوه، فإذا فيه زكرة خمر فبدّدتها، وضربته. فقلت: من أين علمت؟ قال: رأيت رجليه وهي تلعب، فعلمت أنّه حاملٌ شيئاً ثقيلاً. وطالت ولايته. وكان في قلب المعظّم منه؛ لأنّ الملك العادل كان يأمره أن يتتبّعه ويحفظه، فكان المعظّم وهو شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارز غلمانه أن يتبعوه. فلمّا مات العادل، حبسه المعظّم مدّة، فلم يظهر عليه أنّه أخذ من أحدٍ شيئاً، فأنزله إلى داره، وحجر عليه، وبالغ في التّشديد عليه. ومات عن ثمانين سنة. ولم يؤخذ عليه شيء إلاّ أنّه كان يحبس وينسى، فعوقب بمثل فعله.
١٦٢ - إسحاق بن محمد بن المؤيّد بن عليّ بن إسماعيل، القاضي المحدّث رفيع الدّين الهمذانيّ الأصل المصريّ الوبريّ الشافعيّ.
ولد تقديراً في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع من أبيه، ومن الأرتاحيّ، وأبي الفضل الغزنويّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. ورحل سنة ثلاثٍ وستمائة، فسمع بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارستان، وبواسط من أبي الفتح المندائي،