إظهار العلة التي ترك بسببها اللحم والخبز، فقال: إذا أكلتهما طالبتني نفسي بقُبلة أمرد مليح!
وسمعت منصورا الخياط الصوفي يقول: دخلت على طاهر الجصاص، فنظرت إليه وإلى اجتماع القمل في ثوبه، فسألته أن يعطيني فروته لأغسلها وأفليها. قال: على أن لا تقتل القمل. قلت: نعم. ثم حملتها إلى النهر، فلو كان معي قفيز كنت أملؤه قملا، فكنسته بالمكنسة ونقيتهُ، فلما رددتها عليه قال: الحالتان عندي سواء، فإن القمل لا يؤذيني.
وقال شيرويه: سمعت يوسف الخطيب يقول: دخلت على طاهر الجصاص ووضعت بين يديه تينا، فناولته تينةً وقلت: أيُها الشيخ اقطع هذه التينة بأسنانك، ولم يبق في فمه سِن، فجعل يمصها ويلوكها حتى لانت وأمكنه قطعُها، فأكل نصفها، ووضع نصفها في فمي. فكأني وجدتُ في نفسي من ريقه ولُعابه. فبتُ تلك الليلة، فرأيت كأن آت أتاني، فأخرج قلبي من جوفي من غير ألم ولا وجع. فلما شاهدتُ قلبي كأنه قنديل، فيه سبعة عشر سِراجا، فقال لي: هذا من ذلك اللُعاب.
سمعت عبد الواحد بن إسماعيل الُبُروجردي يقول: اشترينا شِواءً وحلواء فأكلنا، ثم دخلنا على طاهر الجصاص فقلنا: نريد شيئا نأكله. فقال: قوموا عني أكلتم الشواء والحلواء في السوق وتطلبون شيئا من عندي.
وكان طاهر يتكلم من كلام الملامة بأشياء لا بأس بها في الشرع إذا فتش، وقبرهُ يزار ويُعظم.
٣٣١ - عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف، أبو عبد الرحمن المعافري. قاضي بلنسية، ويُلقب بحيدرة.
روى عن أبي عيسى الليثي، وأبي بكر بن السليم، وأبي بكر ابن القوطية.
وكان إماما، ثقة، فاضلا، ذكره ابن خزرج، وحدث عنه أبو محمد بن حزم، وقال: هو من أفضل قاض رأيته دينا وعقلا وتصاونا، مع حظه الوافر من العلم.