للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتابكه مجاهد الدّين قايماز، ثمّ تعصّب عليه مجاهد الدّين وكتب محضرًا أنّه لا يصلح واعتقله، وشاور الخليفة في أمره. وأقام موضعه أخاه زين الدّين يوسف بن عليّ، وطرد مظفّر الدّين عن البلاد فتوجّه إلى بغداد، فلم يلتفتوا عليه، فقدم الموصل، وبها الملك سيف الدّين غازي بن مودود، فأقطعه حرّان، فأقام بها مدّة، ثمّ اتّصل بخدمة السّلطان صلاح الدّين، ونفق عليه، وتمكّن منه، وزاد في إقطاعه الرّها سنة ثمانٍ وسبعين، وزوّجه بأخته ربيعة خاتون وكانت قبله عند سعد الدّين مسعود ابن الأمير معين الدّين أنر الذي ينسب إليه قصر معين الدّين. وتوفّي سعد الدّين في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وشهد مظفّر الدّين مع السّلطان صلاح الدّين مواقف كثيرةً أبان فيها عن نجدةٍ وقوّةٍ، وثبت يوم حطّين، وبيّن. ثمّ وفد أخوه زين الدّين يوسف على صلاح الدّين نجدة، وخدمةً من إربل، فمرض في العسكر على عكّا وتوفّي في رمضان سنة ستٍّ وثمانين. فاستنزل صلاح الدّين مظفّر الدّين عن حرّان والرّها ففعل، وأعطاه إربل وشهرزور فسار إليها وقدمها في آخر السنة.

ذكره القاضي شمس الدّين وأثنى عليه، وقال: لم يكن شيء أحبّ إليه من الصّدقة، وكان له كلّ يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرّقها، ويكسو في السنة خلقًا ويعطيهم الدّينار والدّينارين. وبنى أربع خوانك للزّمنى والعميان، وملأها بهم، وكان يأتيهم بنفسه كلّ خميس واثنين، ويدخل إلى كلّ واحد في بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقّده بشيءٍ، وينتقل إلى الآخر حتّى يدور على جميعهم، وهو يباسطهم ويمزح معهم. وبنى دارًا للنّساء الأرامل، ودارًا للضعفاء الأيتام، ودارًا للملاقيط رتّب بها جماعة من المراضع. وكان يدخل البيمارستان. ويقف على كل مريض مريض ويسأله عن حاله. وكان له دارٌ مضيف يدخل إليها كلّ قادم من فقيرٍ أو فقيهٍ فيها الغداء والعشاء، وإذا عزم

<<  <  ج: ص:  >  >>