والمؤازرة. فقلت: أفعل. فقال: لعنك الله، فما أنت إلا إبليس. والله لقد سحرتني.
واستدعى دواة، وعملنا نسخة اليمين، وأحلفته بها أولاً، ثم حلفت له. فقال: يا أبا عبد الله، لقد عظمت في نفسي، والله ما كان المقتدر يفرق بين كفايتي وموقعي، وبين أصغر كتابي مع الذهب، فاكتم ما جرى. فقلت: سبحان الله! فقال: إذا كان غداً فتعال لترى ما أعاملك به. فنهضت.
فقال: يا غلمان بأسركم بين يدي أبي عبد الله. فعدت إلى داري وما طلع الفجر.
ثم قال لي ابنه أبو علي: هذا فعل من يحكى عنه تلك الحكايات؟ فقلت: لا. والله أعلم.
[سنة ست عشرة وثلاثمائة]
في أولها دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف واستباحها، وبعث أهل قرقيسيا يطلبون الأمان فآمنهم. وقصد الرقة وهو في تسعمائة فارس وثلاثمائة راجل، فقتل فيها جماعة بالربض، ودفعه أهلها عنها.
فسار مؤنس من بغداد إلى الرقة، فأتاها بعد انصراف أبي طاهر. ثم أتى هيت، فرموه بالحجارة، فقتلوا أبا الرواد من خواص أصحابه. فسار إلى الكوفة، فنهض نصر الحاجب بالعساكر وراءه، فمرض نصر. فاستخلف أحمد بن كيغلغ وبعث معه بالجيش فانصرف القرمطي قبل أن يلقاه. ومات نصر في رمضان وحمل إلى بغداد.
واستعفى علي بن عيسى من الوزارة، فاستوزر أبو علي بن مقلة الكاتب.
ورجع القرمطي فبنى داراً سماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي، وتفاقم الأمر، وكثر أتباعه، وبث السرايا، فهرب عمال الكوفة عنها. فسار هارون بن غريب إلى واسط، فظفر بسرية لهم فقتلهم، وبعث إلى بغداد بأسارى وبمائة وسبعين رأساً وأعلام بيض منكسة عليها مكتوب:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}. ففرح الناس واطمأنوا.
وفيها: وقعت الوحشة بين المقتدر ومؤنس، ووقع الكلام بأن هارون بن غريب يتولى إمرة الأمراء، فكتب أخصاء مؤنس إليه إلى الرقة بذلك،