وكان يتفقه لمالك. وكان له يوم الجمعة صيحة، فصاح يوماً فتشوش الخلق، فحرد أبو عمران الأشيب والفقهاء، فقام الشبلي وجاء إليهم، فلما رآه أبو عمران أجلسه بجنبه، فأراد بعض أصحابه أن يري الناس أن الشبلي جاهل فقال: يا أبا بكر، إذا اشتبه على المرأة دم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع؟ فأجاب الشبلي بثمانية عشر جواباً. فقام أبو عمران وقبل رأسه، وقال: من الأجوبة ستة ما كنت أعرفها. رواها أبو عبد الرحمن السلمي عن أحمد بن محمد بن زكريا، عن أحمد بن عطاء.
وقيل: إنه أنشد:
يقول خليلي: كيف صبرك عنهم؟ فقلت: وهل صبرٌ فيسأل عن كيف بقلبي هوى أذكى من النار حره وأصلى من التقوى وأمضى من السيف وقيل: إنه سأله سائل: هل يتحقق العارف بما يبدو له؟ فقال: كيف يتحقق بما لا يثبت، وكيف يطمئن إلى ما لا يظهر، وكيف يأنس بما لا يخفى. فهو الظاهر الباطن، الباطن الظاهر. ثم أنشأ يقول:
فمن كان في طول الهوى ذاق سلوةً فإني من ليلى لها غير ذائق وأكبر شيءٍ نلته من نوالها أماني لم تصدق كلمحة بارق وكان رحمه الله لهجاً بالغزل والمحبة، فمن شعره:
تغنى العود فاشتقنا إلى الأحباب إذ غنى أزور الدير سكراناً وأغدو حاملاً دنا وكنا حيث ما كانوا وكانوا حيث ما كنا أخبرنا عمر بن عبد المنعم قال: أخبرنا ابن الحرستاني، قال: أخبرنا علي بن المسلم، قال: أخبرنا ابن طلاّب، قال: أخبرنا ابن جميع قال: أنشدنا الشبلي:
خرجنا السن نستن ومعنا من ترى منّ فلما جننا الليل بذلنا بيننا دنّ وكان للشبلي في ابتدائه مجاهدات فوق الحد. قال أبو علي الدقاق: