تَلَقَّيتُه عَنِّي وَمِنِّي أَخَذْتُه … ونَفْسي كانَتْ مِنْ عطائي مُمِدَّتي (١)
ولا تَكُ باللاهي عَنِ اللَّهْوِ جُمْلَةً … فَهَزْلُ الملاهي جِدُّ نفسٍ مُجِدَّةِ
تَنَزَّهتُ فِي آثارِ صُنْعي مُنَزَّهًا … عَنِ الشِّرْكِ بالأَغيارِ جَمْعي وأُلفتي
فبي مجلسُ الأَذْكارِ سَمْعُ مطالعٍ … ولي حانةُ الخمَّار عَيْنُ طَليعَتِي
وما عَقَدَ الزُّنَّار حُكْمًا سِوَى يدي … وإنْ حَلَّ بالإقرار بي فهْي حَلَّتِ
وإن خَرّ للأحجار فِي البدّ عاكفٌ … فلا تعد بالإنكار بالعصبيّة
فقد عُبِدَ الدينارُ مَعْنًى منزهٌ … عَن العَارِ بالإشراكِ بالوَثُنِيَّةِ
وما زاغَتِ الأَبْصارُ مِنْ كُلِّ ملّةٍ … وما زَاغَتِ الأَفْكَارُ فِي كُلِّ نِحْلَةِ
وما حَارَ مَنْ للشَّمسِ عن غرَّةِ صَبَا … وإشراقُها من نور إسفار غرّتي
وإنْ عَبَدَ النَّارَ المجوسُ وما انْطَفَتْ … كما جاءَ فِي الأخبارِ فِي ألفِ حُجَّةِ
فما قَصَدُوا غيري وإن كانَ قَصْدُهم … سوايَ وإنْ لم يُظْهرُوا عَقْدَ نِيَّةِ
رأَوْا ضَوْءَ نُوري مرّةً فتوهمو … هُـ نارًا فَضَلُّوا فِي الهُدى بالأَشِعَّةِ
تُوُفّي ابن الفارضِ فِي جُمَادَى الأولى، ثاني يوم منه بمصر. وقد جاورَ بمكة زمانا.
وأنشدنا غير واحد له أنَّه قالَ عند الموت هذين البيتين لما انكشف له الغطاء:
إن كانَ مَنْزِلَتي فِي الحُبِّ عندَكُمُ … ما قَدْ لَقِيتُ فَقَدْ ضَيَّعْتُ أيّامي
أمنيّةٌ وَثِقَتْ نَفْسِي بها زَمَنًا … واليومَ أَحْسبُها أَضْغاثَ أحْلامِ
١١٢ - عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عموية، الشيخ شهاب الدين أبو حفص وأبو عبد الله القرشي التيمي البكري الصوفي السهروردي الزاهد العارف شيخ العراق، ﵁.
ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بسهرورد، وقدم بغداد وهو أمرد فصحب عمه الشيخ أبا النجيب عبد القاهر، وأخذ عنه التصوف والوعظ. وصحب أيضاً الشيخ عبد القادر. وصحب بالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد.
وسمع من عمه، وأبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وأبي الفتح ابن
(١) عَلَّق المصنف في حاشية نسخته على هذا البيت بقوله: "صدق والله، تلقاه عن خطرات ووساوس فوقع في الهوس".