وكان أبو العباس، دينًا صالحًا لبيبًا، عاقلًا عالمًا فاضلًا، أديبًا شاعرًا، موصوفًا بالشجاعة، محبًا للعدل.
وقوي أمر أبي عبد الله الشيعي، فندب لحربه أخاه الأحول. ولم يكن أحولًا، وإنما لقب بذلك لأنه كان إذا نظر كسر جفنه. فالتقوا عند ملوشة، وقتل خلق، وانهزم الأحول، ثم ثبت في مقابلته.
وكان أبو العباس يداري سوء أخلاق أبيه، وكان يظهر طاعته والتذلل له، فكان يوجهه إلى محاربة الأعادي، فبلغ من ذلك إلى أكثر من أمله، فبذلك كان يفضله على إخوته. وولاه صقلية، فافتتح بها حصونًا، وظهرت شجاعته. ولما تملك لم يسكن في قصر أبيه، بل اشترى دارًا سكنها، ورد مظالم كثيرة. فكانت أيامه أيام عدلٍ وخير.
ومن شعره، وقد شرب دواء بصقلية.
شربت الدواء على غربة بعيدًا من الأهل والمنزل وكنت إذا ما شربت الدواء أطيب بالمسك والمندل فقد صار شربي بحار الدماء ونقع العجاجة والقسطل.
واتصل بأبي العباس عن ولده أبي مضر زيادة الله متولي صقلية اعتكافه على اللهو والخمر، فعزله، وقدم عليه فسجنه. فلما كانت ليلة الأربعاء ليوم بقي من شعبان سنة تسعين قتل الأمير أبو العباس. قتله ثلاثة من غلمانه الصقالبة على فراشه، وأتوا برأسه ابنه زيادة الله؛ وأخرجوه من الحبس، وتملك، وقتل الثلاثة وصلبهم، وهو الذي قد كان واطأهم.
٣٠٦ - عبد الله بن جابر بن عبد الله أبو محمد الطرسوسي البزاز.
قال ابن عساكر، وأبو أحمد الحاكم: سمع أبا مسهر، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومحمد بن المبارك الصوري. وعنه أبو بكر محمد بن أحمد بن المستنير، وإبراهيم بن جعفر بن سنيد بن داود المصيصيان.