سيدي أحمد إذا حضر بين يديه تمر أو رطب ينقّي الشيص والحشف لنفسه يأكله ويقول: أنا أحق بالدون من غيري، فإني مثله دون. وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف، ولا يأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أكلةً. وإذا غسل ثوبه ينزل في الشطّ كما هو قائم يفركه، ثم يقف في الشمس حتى ينشف. وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر.
وأحضر ابن الصيرفي وهو مريض ليدعو له الشيخ ومعه خدمه وحشمه، فبقي أيامًا لم يكلمه، فقال يعقوب بن كراز: أي سيدي ما تدعو لهذا المريض؟ فقال: أي يعقوب، وعزّة العزيز لأحمد كل يوم عليه مائة حاجة مقضيّة، وما سألتوه منها حاجةً واحدة. فقلت: أي سيدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين. فقال: لا كرامة ولا عزازة، تريدني أكون سيئ الأدب. لي إرادة وله إرادة؟! ثم قرأ: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين أي يعقوب، الرجل المتمكّن في أحواله، إذا سأل حاجةً وقضيت له، نقص تمكّنه درجةً. فقلت: أراك تدعو عقيب الصلوات وكل وقت. قال: ذاك الدعاء تعبّد وامتثال. ودعاء الحاجات لها شروط، وهو غير هذا الدعاء. ثم بعد يومين تعافى ذلك المريض.
وعن يعقوب أنه سأل الشيخ أحمد: أي سيدي، لو كانت جهنّم لك ما كنت تصنع تعذّب بها أحداً؟ فقال: لا وعزّته، ما كنت أدخل إليها أحدًا. فقال: أي شيخ، فأنت تقول: إنّك أكرم ممن خلقها لينتقم بها ممن عصاه. فزعق وسقط على وجهه زمانًا، ثم أفاق وهو يقول: من هو أحمد في البين؟ يكرّرها مرات. وقال: أي يعقوب، المالك يتصرف سبحانه.
وعن يعقوب أن الشيخ أحمد كان لا يقوم لأحد من أبناء الدنيا، ويقول: النظر إلى وجوههم يقسّي القلب.
وعن الشيخ يعقوب، وسئل عن أوراد سيدي أحمد، فقال: كان يصلّي أربع ركعات بألف قل هو الله أحد. ويستغفر الله كل يوم