للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماعي، فكان الكلام في هذا دون غيره. وكان شيخنا هذا ثقةً ثبتاً، عارفاً بما سمع، لا ينسب في ذلك إلى غرض.

قال: ورأيت خطّ تقيّ الدّين الأنماطيّ، وهو يثني على شيخنا هذا ثناءً جميلاً، ويذكر من جملة مسموعاته السيرة على ابن رفاعة. وكان قد صارت السيرة على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها، وكان قيّماً بها وبمشكلها. وهو أنبل شيخٍ وجدته بالدّيار المصرية، روايةً ودرايةً. وكان لا يقرأ عليه القارئ إلاّ وأصله بيده، ولا يدع القارئ يدغم. وكان أبوه جليساً لخليفة مصر.

قال: وحضرته يوماً وقد أهدى له بعض السّامعين هديّةً، فردّها وأثابه عليها، وقال: ماذا وقت هديةٍ، ذا وقت سماع. وكان طويل الروح على السّماع مع مرضٍ كان يجده. كنّا نسمع عليه من الصّبح إلى العصر، إلى أن قرأنا عليه السيرة وعدّة أجزاء في أيام.

ثمّ قال: أخبرنا الإمام الأوحد الأسعد صفيّ الملك أبو البركات، أحسن الله إليه، وما رأيت في رحلتي شيخاً ابن خمس وثمانين سنة أحسن هدياً وسمتاً واستقامةً منه، ولا أحسن كلاماً، ولا أظرف إيراداً منه، رحمه الله، فلقد كان جمالاً للدّيار المصرية، في صفر سنة إحدى وعشرين، قال: أخبرنا ابن رفاعة.

وقال ابن الحاجب أيضاً: قال لي ابن نقطة: أبو البركات عبد القويّ ابن الجبّاب، حدّثنا عن السّلفيّ، وسمعت الحافظ عبد العظيم يتكلّم في سماعه للسيرة ويقول: إنّه بقراءة يحيى بن عليّ، إمام مسجد العيثم، وكان كذّاباّ. ثمّ قدمت دمشق فذكرت ذلك لأبي الطّاهر ابن الأنماطيّ، فرأيته يثبّت سماعه ويصحّحه.

قلت: قرأت السيرة بكاملها في ستّة أيام على الشهاب الأبرقوهيّ، بسماعه لجميعها من أبي البركات في صفر سنة إحدى وعشرين. ومات في سلخ شوّال من السنة. وقد روى كتاب العنوان عن الشريف الخطيب، حدّث به عنه سنة نيّفٍ وثمانين الشيخ أبو.

<<  <  ج: ص:  >  >>