الآخر أن رجلاً اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم، وبيده مدرى يحك بها رأسه. والمدرى العود المحددة بخلال فكان الشيخ لا يستعمل المشط، لأنه ما وجده في الخبر صريحاً فقيل له: أما هو مباح؟ قال: الاستكثار من المباح ذريعةٌ إلى الوقوع في المكروه.
وكان إذا ذبح دجاجة نتفها ويقول: السمط يجمد الدم. وقد جاء ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم سميطاً.
وكان لا يكربل الدقيق الشعير للحديث الوارد في ذلك، بل كان ينفخه، ويقول: بلغني عن الأطباء أنه أحمد عاقبة، وكان يعجبه الطب إذا اقتضى خشونة أو تركاً بالكلية. ويكره الملعقة، وكان ينبسط، ويقول: أكلت لوناً غريباً. فأقول: ما هو؟ فيقول: صببت في القصعة ماءً قراحاً، وصبغت به الكسرة. وكان لوناً نظيفاً.
وكان يقال له: أليس المسك طاهراً؟ فيقول: هو طاهر للطيب، فهل تجدون أن النبي صلى الله عليه وسلم أكله!.
وقال: لو فتشوا على الملح ما وجدوه يخلص، إما من تقدم الملك على الملاحات، وإما من رسم ضمان، وإما من تغالب بين الملاحين، ولو لم يكن إلا جمل الجمال، وكان يكره استعمال الجمال، وهو ما يقتنيها إلا العرب. وقد شاهدتم أحوالهم ونهبهم، وصُف لي ملح بالمصليات فسافرت إليه، وأخذت منه حاجتي طول عمري.
وقال في تركه الثمار تحت الشجر: هب أنها مباحة، أنا تركت هذا المباح. وتذكر قوله عليه السلام: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وقوله: الحلال بين. وقوله: لولا أني أخشى أنها من تمر الصدقة لأكلتها.