وصنّف كتاب الفاروق في الصّفات وكتاب ذمّ الكلام وكتاب الأربعين حديثاً في السّنة. وكان جذعاً في أعين المتكلمين، وسيفاً مسلولاً على المخالفين، وطوداً في السّنة لا تزعزعه الرّياح.
وقد امتحن مرّات؛ قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنّصاري يقول بهراة: عرضت على السّيف خمس مرّات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت. وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سرداً.
قلت: خرّج أبو إسماعيل خلقاً كثيراً بهراة، وفسر القرآن زماناً، وفضائله كثيرة. وله في التصوف كتاب منازل السّائرين وهو كتاب نفيس في التصّوف، ورأيت الاتّحادية تعظّم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم أنّه على تصوفهم الفلسفيّ. وقد كان شيخنا ابن تميمة بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحطّ عليه ويرميه بالعظائم بسبب ما في هذا الكتاب. نسأل الله العفو والسلامة.
وله قصيدة في السّنة، وله كتاب في مناقب أحمد بن حنبل، وتصانيف أخر لا تحضرني.
روى عنه المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن أحمد السّمرقنديّ، وعبد الصّبور بن عبد السّلام الهرويّ، وعبد الملك الكروخيّ، وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفاميّ، وعطاء بن أبي الفضل المعلّم، وحنبل بن عليّ البخاريّ، وأبو الوقت عبد الأول، وعبد الجليل بن أبي سعد، وخلق سواهم. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيّار.
قال السّلفي: سألت المؤتمن عنه، فقال: كان آيةً في لسان التذكير والتصوف، من سلاطين العلماء؛ سمع ببغداد من أبي محمد الخلال، وغيره. ويروى في مجالس وعظه أحاديث بالإسناد، وينهى عن تعليقها عنه. وكان بارعاً في اللغة، حافظاً للحديث. قرأت عليه كتاب ذمّ الكلام، وكان قد روى فيه حديثاً عن عليّ بن بشرى، عن أبي عبد الله بن منده، عن إبراهيم بن