٥٦٨ - أبو حاتم العطار. البصري العارف، أحد مشايخ الطريق بالبصرة.
قال ابن الأعرابي: لم يبلغنا أنه كان في عصره أحد يقدم عليه في العلم بهذه المذاهب، وكان مع ذلك لازماً لسوقه وتجارته. يركب الحمار ويدل في العطارين، غير متمكن من الدنيا متجمل، إلا أنه رزق هذه المذاهب حتى نأى عن غيره، وتلمذ له من كان بالبصرة ممن هو أسن منه. وكان البغداديون يدخلون البصرة يقصدون مجلسه منهم محمد بن وهب، ويعقوب الزيات، ورزيق ابن النفاط، وغيرهم. وكان ظاهره ظاهر التجار والعامة منبسطاً معهم، فإذا تكلم كان غير ذلك. أخبرني محمد بن علي: أنه سمع أبا حمزة البغدادي ربما ذكر أبا حاتم، وكان يتكلم يوم الجمعة، فيقول في كلامه: لا تسألوني عن حالي، واعفوا لي عن نفسي. حسابي على غيركم. اجعلوني كالفتيلة أحرق نفسي وأضيء لكم. وكان لا يظهر عليه خشوع ولا تنكيس رأس ولا لباس. وكان من أهل السنة والإثبات، يزري على الغسانية وأهل الأوراد وأخذ المعلوم، كما يذم أهل الدنيا ومن يأوي إلى الأسباب، ويقول: من لم يكن الله الغالب على قلبه، فإنما يعبد هواه ونفسه.
وكان يقول: من ذكر الله نسي نفسه. ومن ذكر نعمة الله نسي غيره.
وكان عامة كلامه بالمعاني. ويقول: الإبطال في النجوم، والسرائر في القلوب. وتحتاج تتوب من توبتك وتعبد الله له لا لك. ويحك كم تبكي وتصيح، صحح واسترح. السياحة بالقلوب، وسير الشواني سفر لا ينقضي. دع الإحصاء والعدد، وصم للدنيا وأفطر للآخرة.
وقال مرة لأبي تراب: ما جازت ساحتك أوطار الأرض.
وكان يقول، إذا رأى عليهم الفوط والأبراد الصوف، وهم يصلون: قد نشرتم أعلامكم وضربتم طبولكم، فليت شعري في اللقاء أي رجال أنتم.