وهؤلاء الملاعين يبغضونهما، إذ لا دين لهم ولا عقل، وكل حيوان رديء الخلق ففيه خلق آخر حميد كالكلب والخنزير والذئب والنمر، وهؤلاء فقد جمعوا من كل حيوان رديء خُلقه، فاجتمعت فيهم الرداءات محضة.
قال ابن واصل: بعث جنكزخان جيشاً فعبروا جيحون، وتسلموا بلخ بالأمان، وقرروا بها شحنة ولم ينهبوها، ثم قصدوا قلعة الطالقان وهي لا ترام حصانة وارتفاعاً، وبها الشجعان فحصروها ستة أشهر وعجزوا عنها، فسار إليها جنكزخان بنفسه، وحصرها ومعه خلائق من المسلمين أسرى، فنازلها أربعة أشهر وقتل عليها خلائق، ثم أمر فجمع له من الأخشاب ما أمكن، وصاروا يعملون صفاً من خشب وصفاً من تُراب، وما زالوا حتى صار تلاً يوازي القلعة، وصعدت الرجال فيه، ونصبوا عليه المجانيق فرمت إلى وسط القلعة، فخرج من بها على حمية وحملوا على التتر، فنجت الخيالة وسلكوا الجبال، وقتلت الرجالة، واستباحت التتر القلعة.
ثم جهز جنكزخان الجيش إلى مرو وبها من المقاتلة نحو مائتي ألف من جند وعرب وتجار، فعسكروا بظاهرها عازمين على لقاء العدو، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً، ثم انهزم المسلمون وقتل أكثرهم. ثم نازلت التتر مرو وجدوا في حصارها أربعة أيام فتسلموها بالأمان، وخرج إليهم أميرها، فخلع عليه ابنُ جنكزخان ووعده بولاية مرو، وقال: أريد أن تعرض علي أصحابك لننظر من يصلح لخدمتنا حتى نعطيه إقطاعاً. فلما حضروا قبض عليهم، وأمرهم أن يكتبوا له تجار البلد وأعيانه في جريدة (وأرباب) الصنائع (في جريدة)، ففعلوا. ثم ضربت أعناق الجند والأمير، ثم صادر الأعيان وعذبهم حتى استصفاهم، وقسم نساء مرو وذراريها وأسراها، ثم أمر بإحراق البلد فأحرق ثلاثة أيام، ثم أمر بقتل العامة كافة، فأحصيت القتلى بها فكانوا سبعمائة ألف.
ثم ساروا إلى نيسابور فحصروها خمسة أيام، وبها عسكر عجزوا عن التتر، فأخذ البلد ثم أخرجوا الناس فقتلوهم، وسبوا الحريم، وعاقبوا ذوي المال.