قال ابن الأثير: فيها وقع بالبصرة برد، قيل: إن أصغره كان مثل النارنجة الكبيرة. قال: وقيل في أكبره ما يستحي الإنسان أن يذكره.
قلت: أرض العراق قد وقع فيه هذا البرد الكبار غير مرة.
سنة أربع عشرة وستمائة.
فيها كان الغرق ببغداد بزيادة دجلة، وركب الخليفة شبارة، وخاطب الناس، وجعل يتأوه لهم ويقول: لو كان هذا يرد عنكم بمال أو حرب، دفعتهُ عنكم؛ قال أبو شامة - وقد نقله من كلام أبي المظفر سبط الجوزي، إن شاء الله -: فانهدمت بغداد بأسرها، والمحال، ووصل الماء إلى رأس السور، ولم يبق له أن يطفح على السور إلا مقدار إصبعين، وأيقن الناسُ بالهلاك، ودام ثمانية أيام، ثم نقص الماء، وبقيت بغداد من الجانبين تلولاً لا أثر لها!.
قلت: هذا من خسف أبي المظفر، فهو مجازفٌ.
قال أبو المظفر: وفيها قدم خوارزم شاه محمد بن تكش في أربعمائة ألف، وقيل: في ستمائة ألف، فوصل همذان قاصداً بغداد، فاستعد الخليفة، وفرق الأموال والعدد، وراسله مع الشيخ شهاب الدين السهروردي، فأهانه ولم يحتفل به، واستدعاه، وأوقفه إلى جانب الخيمة، ولم يجلسه، قال: فحكى شهابُ الدين، قال: استدعاني إلى خيمة عظيمة لها دهليز لم أر مثله في الدنيا، وهو من أطلس، والأطنابُ حرير، وفي الدهليز ملوك العجم على طبقاتهم، كصاحب أصبهان، وصاحب همذان، والري، قال: ثم دخلنا إلى خيمة أخرى وفي دهليزها ملوك ما وراء النهر، ثم دخلنا عليه وهو شاب، له شعرات، قاعد على تخت ساذج، وعليه قباء بخاري يساوي خمسة دراهم، وعلى رأسه قطعة جلد تساوي درهماً، فسلمت عليه فلم يرد، ولا أمرني بالجلوس، فشرعتُ فخطبتُ خطبة بليغة، ذكرتُ فيها فضل بني العباس،