وفي رجب كانت وقعة البرلس، وكانت وقعة هائلة بين الفرنج والكامل، قتل الكامل منهم عشرة آلاف، وأخذ غنائمهم وخيلهم، وانهزموا إلى دمياط.
وفيها عزل المعتمد عن ولاية دمشق، وولي الغرس خليل.
وحج فيها المعتمد بالركب، وحج بركب بغداد آقباش الناصري، فقُتل بمكة، وعاد ركبُ العراق مع الشاميين، وكان مع آقباش تقليدٌ بإمرة مكة لحسن بن قتادة بن إدريس، لأن أباه مات في وسط العام، فجاءهُ بعرفات راجحٌ أخو حسن وقال: أنا أكبر ولد قتادة فولني، وظن حسنٌ أن آقباش قد ولى راجحاً، فغلق مكة، ثم نزل آقباش بشبيكة، وركب ليسكن الفتنة ويصلح بين الأخوين، فبرز عبيدُ حسن يقاتلونه، فقال: ما قصدي القتال. فلم يلتفتوا إليه، وثاروا به، فانهزم أصحابه وبقي وحده، فجاء عبدٌ فَعرقَبَ فرسهُ، فوقع، فقتلوه، وحملوا رأسه على رُمحَ فنصب بالمسعى. وأرادوا نهب العراقيين، فقام المُعتمد في الأمر، وخوف الحسن من الكامل والمُعظم. وكان آقباش قد اشتراه الناصر لدين الله وهو أمرد بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أحسنُ منه صورةً، وكان عاقلاً متواضعاً، وحزن عليه الخليفة.
خروجُ التتار
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: كان أول ظهورهم بما وراء النهر سنة خمس عشرة، فأخذوا بُخارى وسمرقند وقتلوا أهلها، وحاصروا خوارزم شاه، ثم بعد ذلك عبروا النهر، فوجدوا الخطا قد كسروا خوارزم شاه، فانضم إليهم الخطا وصاروا تبعاً لهم. وكان خوارزم شاه قد أباد المُلوك من مدن خُراسان، فلم يجد التتار أحداً في وجههم، فطووا البلاد قتلاً وسبياً، وساقوا إلى أن وصلوا إلى همذان وقزوين في هذه السنة، وتوجهوا إلى أذربيجان.
وقال ابن الأثير في كامله: لقد بقيتُ مدة معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، أقدمُ رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه