للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقام بنو هاشم سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا، لا يصل إليهم شيء إلاّ سرّا مستخفى به. وقد كان أبو جهل فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد، ومعه غلام يحمل قمحا، يريد به عمّته خديجة ، وهي في الشّعب فتعلّق به وقال: أتذهب بالطّعام إلى بني هاشم، والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة، فجاءه أبو البختريّ بن هشام فقال: ما لك وله! قال: يحمل الطّعام إلى بني هاشم! قال: طعام كان لعمّته عنده أفتمنعه أن يأتيها بطعامها، خلّ سبيل الرّجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ له أبو البختري لحي بعير، فضربه فشجّه ووطئه وطئا شديدا، وحمزة يرى ذلك، يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله وأصحابه، فيشمتوا بهم. قال: ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا، سرا وجهرا.

وقال موسى بن عقبة: فلمّا أفسد الله الصّحيفة، خرج رسول الله ورهطه، فعاشوا وخالطوا النّاس (١).

باب

إنّا كفيناك المستهزئين

قال الثّوريّ، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس في قول الله ﷿: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ قال: المستهزئون: الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزّهري، وأبو زمعة الأسود بن المطّلب من بني أسد بن عبد العزّى، والحارث بن عيطل السّهميّ، والعاص بن وائل، فأتاه جبريل فشكاهم النّبيّ إليه، فأراه الوليد، وأومأ جبريل إلى أبجله (٢)، فقال: ما صنعت؟ قال: كفيته، ثم أراه


(١) كتب صلاح الدين الصفدي بلاغًا على هامش نسخة المؤلف يفيد قراءته عليه نصه: "بلغت قراءة خليل بن أيبك في الميعاد الرابع على مؤلفه".
(٢) الأبجل: عرق في باطن الذراع، وقيل: هو عرق غليظ في الرِّجلِ فيما بين العصب =