للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل عبر بمكاتبة صاحب الجزيرة الخضراء ليستعين به على عدوه، فدخل طارق واستظهر على العدو، وأمعن في بلاد الأندلس، وافتتح قرطبة، وقتل ملكها لذريق، وكتب إلى موسى بن نصير بالفتح، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح العظيم، وكتب إلى الوليد يبشره بالفتح وينسبه إلى نفسه، وكتب إلى طارق يتوعده لكونه دخل بغير أمره، ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به، وسار مسرعا بجيوشه، ودخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيدة الفهري، فتلقها طارق وقال: إنما أنا مولاك، وهذا الفتح لك.

وأقام موسى بن نصير غازيا وجامعا للأموال نحو سنتين، وقبض على طارق، ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز بن موسى، ورجع بأموالٍ عظيمة، وسار بتحف الغنائم إلى الوليد.

ومما وجد بطليطلة لما افتتحها: مائدة سليمان عليه السلام، وهي من ذهبٍ مكللة بالجواهر، فلما وصل إلى طبرية بلغه موت الوليد وقد استخلف سليمان أخاه، فقدم لسليمان ما معه.

وقيل: بل لحق الوليد وقدم ما معه إليه.

وقيل: إن هذه المائدة كانت حمل جمل.

وتتابع فتح مدائن الأندلس. وفي هذا الحين فتح الله على المسلمين بلاد الترك وغيرها، فلله الحمد والمنة.

وكان أكثر جند موسى بن نصير البربر، وهم قوم موصفون بالشهامة والشجاعة، وفيهم صدقٌ ووفاء، ولهم هممٌ عالية في الخير والشر، وبهم ملك البلاد أبو عبد الله الشيعي، وبنو عبيد، وتاشفين، وابنه يوسف، وابن تومرت، وعبد المؤمن، والملك فيهم إلى اليوم.

وفيها توجه طائفةٌ من عسكر موسى بن نصير في البحر إلى جزيرة سردانية، فأخذوها وغنموا، ولكنهم غلوا فلما عادوا سمعوا قائلا يقول: اللهم غرق بهم، فغرقوا عن آخرهم، ثم استولى عليها الفرنج.

وقد غزاها مجاهد العامري سنة ست وأربع مائة، ثم استردها الفرنج في العام كما

<<  <  ج: ص:  >  >>