فقال محمد: أوتعجب من هذا؟ لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه. قال: وإنما عنى به نفسه.
وقال ابن عدي: حدثني محمد بن أحمد القومسي، قال: سمعت محمد بن خمرويه يقول: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال ابن عدي: سمعت عدة مشايخ يحكون أن البخاري قدم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس. فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم فقال، وسأله عن حديث من تلك العشرة، فقال: لا أعرفه. فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. حتى فرغ العشرة، فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى عليه بالعجز. ثم انتدب آخر ففعل كفعل الأول، والبخاري يقول: لا أعرفه. إلى أن فرغ العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول، فقال: أما حديثك الأول فإسناده كذا وكذا، والثاني كذا وكذا، والثالث. . . إلى آخر العشرة. فرد كل متن إلى إسناده، وفعل بالثاني مثل ذلك إلى أن فرغ، فأقر له الناس بالحفظ.
وقال يوسف بن موسى المروروذي: كنت بجامع البصرة إذ سمعت منادياً ينادي: يا أهل العلم، قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري. فقاموا في طلبه، وكنت فيهم، فرأيت رجلاً شاباً يصلي خلف الأسطوانة، فلما فرغ أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء، فأجابهم. فلما كان من الغد اجتمع كذا كذا ألف، فجلس للإملاء، وقال: يا أهل البصرة أنا شاب، وقد سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل: حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد بلديكم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، وغيره، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس أن أعرابياً