للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك بن دينار: سمعت الحجاج يخطب، فقال: امرؤٌ زود نفسه قبل أن يكون الحساب إلى غيره، امرؤ نظر إلى ميزانه، فما زال يقول: امرؤ، حتى أبكاني.

وعن الحجاج قال: امرؤٌ عقل عن الله أمره، امرؤٌ أفاق واستفاق وأبغض المعاصي والنفاق، وكان إلى ما عند الله بالأشواق.

وعن الحجاج أنه خطب فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام إليه رجل فقال: ويحك ما أصفق وجهك، وأقل حياءك، تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا؟ فأخذوه، فلما نزل دعا به فقال: لقد اجترأت، فقال: يا حجاج، أنت تجترئ على الله فلا تنكره على نفسك، وأجترئ أنا عليك فتنكره علي؟ فخلى سبيله.

وقال شريك، عن عبد الملك بن عمير قال: قال الحجاج يوما: من كان له بلاء فليقم فلنعطه على بلائه، فقام رجل فقال: أعطني على بلائي. قال: وما بلاؤك؟ قال: قتلت الحسين. قال: وكيف قتلته؟ قال: دسرته والله بالرمح دسرا، وهبرته بالسيف هبرا، وما أشركت معي في قتله أحدا، قال: أما إنك وإياه لن تجتمعا في موضع واحد، فقال له: اخرج.

وروى شريك، عن عبد الملك بن عمير. ورواه صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن بهدلة أنهم ذكروا الحسين رضي الله عنه، فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يحيى بن يعمر: كذبت أيها الأمير، فقال: لتأتيني على ما قلت ببينةٍ من كتاب الله، أو لأقتلنك. فقال قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ} إلى قوله: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} فأخبر الله تعالى أن عيسى من ذرية آدم بأمه، قال: صدقت، فما حملك على تكذيبي في مجلسي؟ قال: ما أخذ الله على الأنبياء {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} قال: فنفاه إلى خراسان.

وقال أبو بكر بن عياش، عن عاصم: سمعت الحجاج، وذكر هذه الآية: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} فقال: هذه لعبد الله، لأمين الله وخليفته، ليس فيها مثنوية، والله لو أمرت رجلا يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>