قولكم: إني أعطيت مروان مائة ألف، فهذا بيت مالهم فليستعملوا عليه من أحبوا، وأما قولكم: تناول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما أنا بشر أغضب وأرضى، فمن ادعى قبلي حقا أو مظلمة فها أنا ذا، فإن شاء قودا وإن شاء عفوا، فرضي الناس واصطلحوا ودخلوا المدينة.
وقال محمد بن سعد: قالوا: رحل من الكوفة إلى المدينة: الأشتر النخعي - واسمه مالك بن الحارث -، ويزيد بن مكنف، وثابت بن قيس، وكميل بن زياد، وزيد، وصعصعة ابنا صوحان، والحارث الأعور، وجندب بن زهير، وأصفر بن قيس، يسألون عثمان عزل سعيد بن العاص عنهم، فرحل سعيد أيضا إلى عثمان، فوافقهم عنده، فأبى عثمان أن يعزله، فخرج الأشتر من ليلته في نفر، فسرى عشرا إلى الكوفة واستولى عليها وصعد المنبر، فقال: هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أن السواد بستان لأغيلمة من قريش، والسواد مساقط رؤوسكم ومراكز رماحكم، فمن كان يرى لله عليه حقا فلينهض إلى الجرعة. فخرج الناس فعسكروا بالجرعة، فأقبل سعيد حتى نزل العذيب، فجهز الأشتر إليه ألف فارس مع يزيد بن قيس الأرحبي، وعبد الله بن كنانة العبدي، فقال: سيروا وأزعجاه وألحقاه بصاحبه، فإن أبى فاضربا عنقه، فأتياه، فلما رأى منهما الجد رجع، وصعد الأشتر منبر الكوفة، وقال: يا أهل الكوفة ما غضبت إلا لله ولكم، وقد وليت أبا موسى الأشعري صلاتكم، وحذيفة بن اليمان فيئكم، ثم نزل، وقال: يا أبا موسى اصعد، فقال: ما كنت لأفعل، ولكن هلموا فبايعوا لأمير المؤمنين وجددوا البيعة في رقابكم، فأجابه الناس، وكتب إلى عثمان بما صنع، فأعجب عثمان، فقال عتبة بن الوعل شاعر أهل الكوفة:
تصدق علينا يا ابن عفان واحتسب وأمر علينا الأشعري لياليا