والفلاكي يغير على نواحي السوس، وأغمات، وهم كلهم تنمو أحوالهم وتستفحل.
قال صاحب المعجب: قبل وفاة ابن تومرت بأيام استدعى المسمين بالجماعة، وأهل الخمسين، والقواد الثلاثة: عمر بن عبد الله الصنهاجي المعروف بعمر أرتاج، وعمر بن ومزال ويعرف بعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله سبحانه، وله الحمد، من عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده، وقيض لكم من ألفاكم ضلالًا لا تهتدون، وعميًا لا تبصرون، لا تعرفون معروفًا، ولا تنكرون منكرًا. قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، وزين لكم الشيطان أباطيل وترهات، أنزه لساني عن النطق بها، فهداكم الله به بعد الضلالة، وبصركم به بعد العمى، وجمعكم بعد الفرقة، وأعزكم بعد الذلة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين، وسيورثكم أرضهم وديارهم، وذلك بما كسبت أيديهم، وأضمرته قلوبهم، فجددوا لله خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولًا وفعلًا مما يزكي به سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يدًا واحدة على عدوكم، فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس وأسرعوا إلى طاعتكم، وإن لا تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة، وعليكم بمزج الرأفة بالغلظة، واللين بالعنف. وقد اخترنا لكم رجلًا منكم، وجعلناه أميرًا عليكم بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتًا في دينه، متبصراُ في أمره، وهو هذا، وأشار إلى عبد المؤمن، فاسمعوا له وأطيعوا، ما دام سامعًا مطيعًا لربه، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير، والأمر أمر الله يقلده من يشاء. فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت، ومسح صدورهم.
وأما ابن خلكان فقال: لم يصح عنه أنه استخلفه، بل راعى أصحابه في تقديمه إشارته، فتم له الأمر.
قال: وأول ما أخذ من البلاد وهران، ثم تلمسان، ثم فاس، ثم سلا، ثم سبتة، ثم إنه حاصر مراكش أحد عشر شهرًا، ثم أخذها في أوائل سنة اثنتين وأربعين، وامتد ملكه إلى أقصى المغرب وأدناه وبلاد إفريقية وكثيرٍ من