الدربند قسراً بالسيف، وعبروا إلى أمم القفجق واللان فغسلوهم بالسيف.
ثم مات ملكُ الخزر وكان شاباً، وتولت أختُه، وسيرت إلى الملك المُغيث صاحب أرزن تخطب أحد ولديه، الصغير، وهو ابن بنت بكتمر صاحب خلاط، وهو مليح عمره سبع عشرة سنة فزوجها به، وشاع الخبرُ أنه تنصر.
وخرج في هذه السنة من رقيق الترك ما لم تجر به العادة، حتى فاضوا على البلاد، وكلهم وصلوا من ناحية تفليس، وهم من فضلات سيوف التتر، وكل واحد يحكي هول ما عاين؛ حكت جارية منهم قالت: عوت كلاب بلادنا عوياً شديداً وقامت على أذنابها، وأهلها يضربونها فلا ترتد، فبعد ثلاث ساعات أو أربع فاض الجبل بعساكر التتر، فابتدؤوا بالكلاب ثم بالناس.
وأرض القفجاق واسعة، معتدلة الهواء، عذبة المياه، تتفجر ينابيعها، وتتخرق عيونها، وهي أرض حرة طيبة التربة، وغنمهم كثيرةٌ النتاج، تلدُ النعجة الأربعة في البطن والخمسة، وقلما تلد واحداً، وغنمهم عالي الهضبة، يكاد الكبش يركب.
وأما الفرقة التي قصدت بغداد، فردهم الله بقوة العقل وحسن التدبير، أما أولاً، فإن صاحب إربل شحن الدربندات بالأكراد، وإليهم ينتهي العلم باللصوصية، فسلطهم عليهم يسرقونهم ويقتلونهم صبراً في نومهم، فيصبحون وقد نكبوا نكبات في جهات لا يدرون من أين ولا كيف. ثم إن الخليفة جمع الجموع وعسكر العساكر وحشر، فنادى، وأقبلت إليه البُعوث من كل حدبٍ ينسلون، فلما سمعوا بوصول رسول التتر تقدموا إلى صاحب إربل بأن يحتفل ويظهر جميع عسكره، ويدخل بينهم من العوام والفلاحين من يشتبه بهم. فلما وصل الرسول إربل تلقاه عساكر قطعت قلبه، وصاروا يتكررون عليه، كلما مر بقوم سبقوه وعادوا وقفوا بين يديه، فلما دخل في ولاية دقوقا عبئ له من العساكر أضعاف ذلك وصاحبها من مماليك الخليفة، فأمر أن تضرب خيم عظيمة، وبسط بين يديها بسطاً قدر نصف فرسخ، ونُصبت سدة عالية فوق