للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال لي (١) رزيق النفاط، أو غيره: رأيت أبا حاتم بيده عطر يعرضه للبيع، فسألته عن مسألة، فقال: لكل مقام مقال، ولكن اصبر حتى أفرغ. وكان إذا فرغ جلس يوم الجمعة، اجتمع إليه الصوفية وأصحاب الحديث والغرباء، وكبار عامة أهل مسجد البصرة، وجميع الطبقات. وكان الذين يلزمون حلقته: ابن الشريطي. وأبو سعيد ابن الغنوي، والمرزوقي. وكان الغنوي يميل إلى شيء من الكلام ويعرفه. وكان في المسجد طائفة من النساك ينكرون على أهل المحبة لما يبلغهم من التخليط، وكانوا أهل حديث، وكلهم يستحلي أبا حاتم ويعجبه كلامه لرقته، ولقوله بالسنة ومخالفته الغسانية. وكانوا يميلون إليه وهم: عبد الجبار السلمي، والحسن بن المثنى، وأحمد بن عمرو بن أبي عاصم، والجذوعي. كل هؤلاء صوفية المسجد من أهل السنة والحديث ينتحلون النسك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان لهم بالبلد قدرٌ وهيبة.

وقال السلمي: كان أبو حاتم العطار أستاذ الجنيد وأبي سعيد الخراز. وكان من جلة مشايخهم من أقران أبي تراب النخشبي. وهو أول من تكلم بالعراق في علوم الإشارات.

وعن محمد بن وهب، قال: دخلت البصرة أنا ويعقوب الزيات، فأتينا أبا حاتم العطار، فدققنا الباب، فقال: من هذا؟ قلت: رجل يقول الله. فخرج ووضع خده على الأرض، وقال: بقي من يحسن يقول الله!.

٥٦٩ - أبو حمزة البغدادي الصوفي (٢).


(١) الكلام لا يزال لابن الأعرابي.
(٢) تقدمت ترجمته في الأسماء باسم محمد بن إبراهيم (رقم ٣٨١) وكانت هذه الترجمة في الأصل في الطبقة التاسعة والعشرين بسبب أن السلمي ذكر وفاته في سنة تسع وثمانين ومئتين، ثم تبين للمصنف خطأ ذلك، فطلب تحويلها، وقد ترجمه مرتين، فتلك واحدة، وهذه الأخرى في الكنى، فآثرنا الإبقاء على الترجمتين لما فيهما من الاختلاف والفوائد، وتنوع الموارد.