حلفت لهم ما كأسها غير ذاتها فقالوا اتئد فيها فإنك حانث أقم ريثما تُفنيك عنك بوصفها وتذهب عما منك فيها يباحث فإن شاهدت منك العيون عيونها طهرن وإلا فالعيون خوابث وإن لم تبدّل آيةٌ منك آيةً بها فيك قيل اذهب فإنّك ماكث تنكّر في سامٍ وحامٍ حديثها وعزّ فلم يظفر بمعناه يافث وما لبثت في الدهر قطُّ وإنما هو الدهر فيها إن تأملت لابث وهذا الشعر من ألطف ما دفن فيه الاتحاد، وقد ورى بالراح عن معبوده، وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثائية وهي. وقفنا على المُغني قديماً فما أغنى ولا دلّت الألفاظ منه على المعنى وكم فيه أمسينا وبتنا برَبعِه زماناً وأصبحنا حيارى كما بتنا ثملنا ومِلنا والدموع مُدامنا ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا ولم نر للغِيد الِحسان به سنا وهم من بدور التّم في حُسنها أسنى نُسائل بانات الحِمى عن قدودهم ولا سيما في لينها البانة الغنا ونلثم منه التُّربَ أن قد مشت به سُليمى ولبنى لا سُليمى ولا لبنى فوا أسفي فيه على يوسف الحمى ويعقوبه تبيضُّ أعيُنه حُزنا ننادي بناديهم ونُصغي إلى الصدى فيسألنا عنا بمثل الذي قلنا أقمنا نجود الأرض بالأدمُع التي لو أن السحاب الجود تملكها طفنا فلما رأتنا أننا لا نراهم رأيناهم في القرب إذ ذاتنا منا ولكنهم لا يتركونا نراهم إلى أن محونا ثم كانوا وما كنا فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم تراهم وأنى يشهد الفرد من مثنى وأشرقت الدنيا بهم وتزينت بزينة ما أبدوا عليها من المعنى وآنس منهم كل ما كان موحشاً وعاش هنيّاً من بها كان لا يهنا ومن ناولته الكأس معشوقة الحِمى يرى شرهاً أن يشرب الخمر والدِّنا وما صرخ العشاق جهلاً وإنما إذا سكر المشتاق من طربٍ غنّى وله:
ما صادحات الحمام في القُضُب ولا ارتقاص المُدام بالجنبِ