لئلا يتناسلوا، وهم إلى الآن محصورون محسورون لم يظهروا. وقد نقص عددهم، وقلص مددهم. وفرق ما في القصر من الحرائر والإماء، وأخذ ما صلح له ولأمرائه من أخاير الذخاير، وزواهر الجواهر، ونفائس الملابس، ومحاسن العرائس، وقلائد الفرائد، والدرة اليتيمة، والياقوتة الغالية القيمة. ووصف العماد أشياء عديدة.
قال: واستمر البيع فيما بقي عشر سنين، ومن جملتها الكتب، وكانت خزانة الكتب مشتملة على نحو مائة وعشرين ألف مجلدة. وانتقل إلى القصر الملك العادل سيف الدين أبو بكر لما ناب عن أخيه، واستمرت سكناه فيه. وكان صلاح الدين لا يخرج عن أمر نور الدين، ويعمل له عمل القوي الأمين، ويرجع إلى رأيه المتين. وسير نور الدين إلى الديوان العزيز بهذه البشارة شهاب الدين المطهر ابن العلامة شرف الدين بن أبي عصرون، وأمرني بإنشاء بشارة عامة تقرأ في سائر بلاد الإسلام:
الحمد لله معلي الحق ومعلنه، وموهي الباطل وموهنه. منها: ولم يبق بتلك البلاد منبر إلا وقد أقيمت عليه الخطبة لمولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين، وتمهدت جوامع الجمع، وتهدمت صوامع البدع. إلى أن قال: وطالما مرت عليها الحقب الخوالي، وبقيت مائتين وثمان سنين ممنوة بدعوة المبطلين، مملؤة بحزب الشياطين. فملكنا الله تلك البلاد، ومكن لنا في الأرض، وأقدرنا على ما كنا نؤمله من إزالة الإلحاد والرفض. وتقدمنا إلى من استنبناه أن يقيم الدعوة العباسية هنالك، ويورد الأدعياء ودعاة الإلحاد بها المهالك. وقال من إنشائه في البشارة إلى الديوان العزيز:
وصارت مصر سوق الفسوق، ودوحة شعب الإلحاد، وموطن دعوة الدعي، ومحل المحال والمحل، وقحط الضلال والجهل، وقد استولت بها جند الشياطين، واستعلت بها دعوة المعطلين، وغلبت بها نجوى المبطلين، وتبطلت الجماعات والجمع، واستفحلت الشناعات والبدع، وأفرخ الشيطان بها وباض، واشتهر الجور واستفاض، واستبدلت العمائم السواد بالبياض.