القوس باريها ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجلٍ مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجلٍ صالح أو ولٍّي لله تعالى؟
ذكر شيخنا قاضي القضاة تقيّ الدّين بن دقيق العيد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوةٍ إلى قريب الظهر وهو يسرد كلامًا تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته.
قلت: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنةٍ واسعًا بقوله: لا نبي بعدي. وجاء من وجهٍ آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنةٍ حيث قال: لا نبي بعدي.
فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام في الكفر دون قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وذكره الشريف عز الدّين فقال: له تصانيف عدة ومكانة مكينة عند جماعةٍ من الناس. وأقام بمكة سنين عديدة.
قلت: وحدثني فقيرٌ صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك. اللهم احفظ علينا إيماننا واجعلنا هداةً مهديين.
وحصن رقوطة: من أعمال مرسية.
وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى ومات، والله أعلم بصحة ذلك. وكان موته بمكة في الثامن والعشرين من شوال وله خمسٌ وخمسون سنة، فإنه ولد في سنة أربع عشرة.
اللهم يا ربنا ورب كل شيء، إن كان هذا الشخص وأضرابه يعتقدون أنك عين مخلوقاتك وأن ذاتك المقدسة البائنة من الخلق هي حقيقة ما أبدعت وأوجدت من العدم، فلا ترحمهم ولا ترض عنهم. وإن كانوا يؤمنون بأنك رب العالمين وخالق كل شيء وأن مخلوقاتك غيرك بكل حال وعلى كل تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإن هؤلاء يقولون: ما ثم غير وما في الكون سوى الله، وما أنت غير الكون بل أنت عينه.