للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنوانِ الكتاب فيحذف منه لفظ "طبقات" ويضع لفظ "وفيات" بدلًا منه فيصير عنوان الكتاب "تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام" بدلًا من "تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام". ودليلنا على ذلك أن العنوان الذي ورد فيه لفظ "طبقات" لم يرد إلا في طرتي المجلدين الثاني والحادي والعشرين من النسخة التي بخطه، بينما ورد العنوان الذي يحمل لفظ "وفيات" بخطه في المجلدات الثمانية التي وصلت إلينا من هذه النسخة. ويزدادُ يقيننا، بل يتكامل في هذا الأمر حينما نتذكر أن طرتي المجلدين الثاني والحادي والعشرين هما من الطرر التي كتبها الذهبيُّ عند انتهائه من الكتاب أول مرة، وأن الطررَ الثماني الأخرى كانت تمثِّلُ الإخراجَ الأخير لكتابه.

ثانيًا: العلاقة بين الحوادث والتراجم:

كانت الكتب التاريخية الأولى المرتبة حسب السنين تُعنى بذكرِ الحوادثِ بالدرجة الأولى مثل تاريخ خليفة بن خياط المتوفى سنة ٢٤٠ هـ وتاريخ الطبري المتوفى سنة ٣١٠ هـ وغيرهما، وقَلَّما أعطتْ أهميةً كبيرة ومتميزة للتراجم. وقد ظهر تحولٌ واضح منذ القرن السادس الهجري في هذا النمط من الكتب التاريخية لاسيما عند المؤرخين المحدِّثين، حيث زاد اهتمامهم بذكر التراجم. ويبدو ذلك واضحًا في كتاب "المنتظم" لأبي الفرج بن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ هـ حيث أدخل تقسيمًا واضحًا بين الحوادث والوفيات، فجعل التراجمَ تعقبُ حوادثَ كُلِّ سنةٍ ورَتَّبها حسبَ حروفِ المعجم. وقد ظلت هذه الطريقة تؤثر في أُطُر الصور الحولية للمؤلفات التاريخية التي جاءت بعده. ويعزو الأستاذ روزنتال ذلك إلى سيطرةِ علم الكلام (١)، في حين نعتقد أن هذا التطور لم يكن إلا بتأثيرِ علمِ الحديثِ النبويِّ، واشتدادِ العنايةِ برواته (٢).

لقد فصلَ الذهبيُّ فصلًا تامًّا بين الحوادث والوفيات، ورأينا قبل قليل تذبذبه في السير على خطٍّ واضح في ذكر الحوادث وعدم وجود أية علاقة بَيِّنة لها بالوفيات. ولعلَّه فكَّر في بعض الأحيان بتجميع حوادثِ كل مجلد مع


(١) روزنتال: علم التاريخ، ص ١٩٨، ٢٠٤.
(٢) انظر بحثنا: مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين ص ٣٣ - ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>